كم كانت دهشتي، عندما تصفحت جريدة يومية واسعة الانتشار بحثا عن خبر وفاة نجمة كان اسمها “شيرلي تمبل” على كل لسان وأفلامها، وهى طفلة، تحقق أعلى الإيرادات.
لأجده منشورا فى بضعة سطور، من كلمات معدودات مع أخبار أخرى مقتضبة، انطوى عليها أحد أعمدة الجريدة الغراء.
ولم يكن يحق لى أن أندهش، وقد سبق أن قرأت على صفحات تلك الجريدة وغيرها أخبارا سينمائية مخالفة تماما للواقع كانت دائما تثير دهشتي، ولا أقول انزعاجي، من بينها على سبيل المثال، لا الحصر، أذكر خبر أن ثمة فيلما تعده استديوهات هوليوود، مستوحى من قصة حب اثنين من مشاهير السينما الأمريكية “كاتي” و”تراس”.
وبداية، انصراف تفكيرى الى أن المقصود ببطلى قصة الحب تلك هما “كاترين هيبورن” و”سبنسر تراس” اللذان ذاعت قصة حبهما إبان عقود ثلاثة من القرن العشرين فبدءا من أربعينات ذلك القرن. وحتى 1967 تاريخ آخر فيلم لهما معا “خمن من الضيف القادم للعشاء” تقاسما بطولة حوالى ثمانية أفلام.
كما تبادلا الحب، دون أن يكون لهما بيت زوجية يقيما فيه معا، مثلما يقيم الأزواج، لتعذر ذلك ان لم يكن استحالته، لارتباط “تراس” بالزواج من امرأة أخري، زواجا كاثوليكيا، لا يجيز انهاء الرباط المقدس بالطلاق.
ومع ذلك استمر الحب بين “كاتي” و”تراس” الى أن جاء الموت “تراس” اثر انتهاء تصوير آخر فيلم لهما معا (1967).
كل ذلك معروف أمره للقاصى والداني، بل وموثق فى كتاب “تراس وهيبورن” لصاحبه كاتب السيناريو الشهير “جارسون كانين”.
ولكن الخبر المنشور عن قصة حبهما، والعزم على عمل فيلم مستوحى منها. اختلط فيه الأمر على محرره.
فبدلا من “كاترين هيبورن” استبدل بها المحرر اسم نجمة أخرى “أودرى هيبورن”.
وتأكيدا لذلك، وضع، وسط كلمات الخبر صورة “أودري”، بديلا “لكاتي”، وكأنه لا فرق بين النجمتين، وكأنه كل عند العرب صابون.
وأعود الى “شيرلى تمبل” التى فجر خبر نشر غيابها عن حياتنا عن عمر ناهز الخامسة والثمانين، ما تقدم من ذكريات.
لأقول أن مسيرتها فى دنيا التمثيل على الشاشة، بدأت، وليس لها من العمر سوى ثلاث سنوات فى أفلام قصيرة، وأدوار ثانوية فى أفلام روائية طويلة.
وما أن ظهرت تؤدى دور البطولة فى أول فيلم روائى طويل، حتى بدأ نجمها فى الصعود سريعا، حتى أصبحت نجمة شباك، تحتل المركز الثامن بين النجوم الأعلى تحقيقا للايرادات (1934) وذلك فى وقت لم يكن عمرها قد تجاوز بعد السادسة.
ويكفى هنا، أن أقول نقلا عن دليل المشاهير فى أمريكا طبعة 1937، انه فى حين خصص لايليانور روزفلت زوجة رئيس الولايات المتحدة واحدا وعشرين سطرا من الدليل ولنجمة النجوم “جريتا جاربو” أحد عشر سطرا، كان ما خصص منها للطفلة “تمبل” تسعة عشر سطرا، أى أقل من حرم رئيس الجمهورية بسطرين فقط، وأزيد من نجمة النجوم بثمانية أسطر.
ويكفى كذلك أن أذكر، نقلا عن كتاب ” الأطفال النجوم” لصاحبه “نورمان زيرولد”، أن الهدايا التى جاءتها من جميع أرجاء العالم، بمناسبة عيد ميلادها الثامن، وصل عددها الى مائة وخمس وثلاثين ألف هدية حقا، أصبحت معبودة الجماهير، بدءا من فيلمها “قف وقم بالتصفيق” (1934)، حيث “مثلت وغنت ورقصت”، لا فرق فى ذلك بينها وبين الكبار، الأمر الذ اعتبرت معه طفلة معجزة.
وفى الفترة ما بين 1934 الى 1938 أصبح ثمة ما يسمى بهوس شيرلى تمبل الجماعي.
فأطلق اسمها، ووضعت صورتها على العديد من المنتجات من أجل زيادة مبيعاتها، كعرائس الأطفال وكراسات التلوين والمشروبات.
واعترافا من الأكاديمية الأمريكية لعلوم وفنون السينما بمساهمتها فى امتاع الجماهير، أهدتها جائزة أوسكار خاصة، باسم جائزة الطفولة (1935).
وكالمعتاد بالنسبة للنجوم الأطفال، ما أن أصبحت صبية سنة 1939، حتى بدأت أفلام “تمبل” تجد صعوبة فى الاحتفاظ بإقبال الناس على مشاهدتها.
وما أن أكملت عامها الحادى والعشرين، حتى كان نجمها قد أفل فعلا، وأصبح جزءا من ذاكرة السينما.