ما أن يبدأ الربع الأخير من السنة ومعه اليقين الحزين بأنها على وشك الرحيل، وتسليم الراية للغيب حتى يتنافس النقاد وبخاصة من كان منهم يكتب في الدوريات البريطاينة والأمريكية، فيما يرونه جديراً من أفلام تلك السنة بالترشيح لجوائز أوسكار.
وكالمعتاد كان نقاد “امباير” المجلة السينمائية البريطانية واسعة الانتشار في مقدمة المبادرين بطرح توقعاتهم فيما يستحق من الأفلام الترشيح لتلك الجوائز المشتهاه، ومن بين الأفلام التي توقعوا لها الترشيح في عدد “امباير” الأخير “نوفمبر”.
اذكر علي سبيل المثال “خطاب الملك” و”البجعة السوداء” و”الخريج الأول” و”فيما بعد الحياة” و”عضمة الشتاء” والفيلم الأول “خطاب الملك” صاحبه المخرج الأمريكي “توم هوبر” وكان أول عرض له في مهرجان “تليورايد” وعندما جرى عرضه بعد ذلك في مهرجان “تورونتو” نال جائزة المتفرجين وهو الفيلم المكرم في مهرجان لندن القادم.
ولقد اختير “جون فيرث” الممثل البريطاني البارع لتقمص شخصية الملك جورج السادس في الفيلم ومما يعرف عن ذلك الممثل أنه توج بجائزة أفضل تمثيل في مهرجان فينسيا وذلك عن أدائه في فيلم “رجل عازب” (2009) لصاحبه المخرج ومصمم الأزياء الشهير “توم فورد”.
وموضوع “خطاب الملك” مستوحى من التاريخ البريطاني الحديث وتحديداً من سيرة الملك “جورج السادس” ابان فترة عصيبة من تاريخ العائلة المالكة البريطانية عندما اعتلى عرش بريطانيا ذلك الملك خلفاً لشقيقه الملك “ادوارد” عقب اجباره على التنازل عن الملك لوقوعه في حب امرأه أمريكية مطلقة مرتين وعقد قرانه عليها بالتحدي لكنيسة انجلترا وكانت مشكلة “جورج السادس” أنه لم يكن مهيئاً لاعتلاء العرش في ذلك الزمان الذي كانت فيه بريطانيا على وشك الدخول في حرب ضروس مع المانيا الهتلرية.
ومدار الفيلم الصراع بين الملك وأستاذه الاسترالي “ليونيل لوجين” الذي جرى اختياره كي يعلمه كيف يلقي خطاباً موجهاً إلى الشعب بمناسبة إعلان الحرب على المانيا الهتلرية يكون معادلاً على الأقل، إن لم يكن متفوقاً على الخطاب الذي وجهه هتلر إلى الشعب الالماني، ولم يكن الأمر سهلاً لأن هتلر كان خطيباً مفوهاً لا يشق له غبار..
هذا عن خطاب الملك الذي يقال أنه سيجري ترشيحه لعديد من جوائز الأوسكار، وانتقل إلى الأفلام الأخرى لأقول أن أولها “البجعة السوداء” لصاحبه المخرج “دارين ارونوفسكر” السابق لفيلمه “المصارع” الفوز بالأسد الذهبي لمهرجان فينسيا “2008” وبطلة فيلمه “البجعة السوداء” النجمة “ناتالي بورتمان” ومنه انتقل إلى الأفلام الثلاثة الأخرى لأقول عنها باختصار شديد أن أولها “الخريج الأول” صاحبه المخرج “جستين شادويك” وفيه يعرض لقصه حياة حسن كيني “كيماني ماروجي” أصر على الالتحاق بمدرسة ابتدائية كي يتعلم القراءة رغم أنه كان له من العمر لا أقل من أربعة وثمانين عاماً!!
وثانيها “ما بعد الحياة” لصاحبه المخرج المخضرم الفائز بجائزة أوسكار أفضل مخرج مرتين “كلينت ايستوود” يبقى “عضمة الشتاء” لصاحبته المخرجة الشابة “دبرا جرانيك” وهو في رأيي فيلم أعجوبة بين جميع الأفلام الأمريكية التي جرى عرضها خلال السنة التي على وشك الرحيل، ولقد سبق له الفوز بجائزتي أفضل فيلم درامي والسيناريو في مهرجان سندنس “2010” وثمه شبه اجماع بين النقاد على أن ممثلته الرئيسية “جينفر لورنس” جديرة بالترشح لجائزة أفضل ممثلة رئيسية، ولعلي لست مغالياً إذا ما جنحت إلى القول بأنه أفضل فيلم أمريكي شاهدته أثناء السنة الموشكة على الرحيل .