العندليب الأسمر.. نجم سينما وغناء

ظل مطرب الأجيال محمد عبدالوهاب متربعاً على عرش الغناء فى ربوع مصر، وخارجها فى الوطن العربى الفسيح، نحو ثلاثين عاماً ودون تمهيد، وجد عرشه مهدداً، فجأة بصعود نجم شاب نحيل، عليل، اسمه «عبدالحليم حافظ» سرعان ما سمى بالعندليب الأسمر، ليشتهر بهذه التسمية، مرافقة دائماً وأبداً، لاسمه الأصلى.
وكما كان متوقعاً كان رد فعل مطرب الملوك والأمراء ازاء ذلك الصعود المفاجئ للعندليب الأسمر.. هو محاولة احتوائه.. بأن عمل على أن يوقع العندليب على عقد مع شركته «صوت الفن» بموجب يُحتكر صوت العندليب لصالح تلك الشركة، مقابل أجر ضئيل من المال.
ومع ذلك، استمر صعود نجم العندليب بسرعة فاقت سرعة الضوء، وآية ذلك أنه فى فترة وجيزة من عمر الزمان، أصبح حلم كل فتاة، والأنموذج التى يحتذيه جموع الشباب.
حقاً، لقد حل محل عبدالوهاب فى قلوب الجيل الجديد وعلى مر سنوات قليلة، أخذ نجم «عبدالوهاب» فى الأفول ومعه، أخذت نجوم أخرى فى الأفول، مثل «فريد الأطرش» وغيره كثير.
لم يعش «العندليب» طويلاً، مثله فى ذلك مثل الهب فى السماء وجاءه الموت، ولما يكن له من العمر سوى ثمانى وأربعين سنة.
لحن الوفاء ولكنه، بدءاً من 1955 سنة أول فيلم له «لحن الوفاء» لعب دور البطولة فى أفلام، فاق عددها عدد الأفلام التى لعب فيها دور البطولة كل من «عبدالوهاب» و«أم كلثوم».
واللافت أنه فيما بين سنتى 1955 و1969، حيث لعب دور البطولة فى آخر أفلامه «أبى فوق الشجرة» يكاد يكون قد مثّل وغنى أمام جميع نجمات السينما المصرية، إبان عقدى الخمسينيات والستينيات، ففى فيلم «لحن الوفاء» شاركته بطولته كل من فاتن حمامة وشادية.. وفى فيلم «بنات اليوم» 1957، تقاسم البطولة مع ماجدة، كما تقاسمها مع لبنى عبدالعزيز فى فيلم «الوسادة الخالية» 1957.. ثم مع مريم فخرالدين فى فيلم «حكاية حب» 1959 بعد ذلك جاء الدور على سعاد حسنى لتشاركه بطولة فيلم «البنات والصيف» 1960، وفى العام التالى شاركته زبيدة ثروت بطولة فيلم «يوم فى حياتى».
البنات والصيف ثم شاركته نادية لطفى بطولة فيلم «الخطايا» 1962، لتعود فتشاركه بطولة فيلمه الأخير «أبى فوق الشجرة» واللافت أيضاً، أن معظم كبار مخرجى العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين، أخرجوا له فيلماً أو أكثر.
فهنرى بركات أخرج له «أيام وليالى» 1955، و«موعد غرامى» 1956، و«بنات اليوم» 1957.. وقد وصف العندليب من خلاله تجربته معه فى ثلاثة أفلام قائلاً إنه فنان حساس، أداؤه كممثل، لا يقل عن أدائه كمغنى.
وهنا، لا يفوتنى أن أذكر أنه من بين كوكبة المخرجين الذين ساعدوا العندليب على الصعود إلى مصاف نجوم السينما. محمد كريم، الذى أخرج له «دليلة» أول فيلم مصرى صور «سينما سكوب» 1956، ومما يعرف عن «كريم» أنه مخرج جميع أفلام مطرب الأجيال.
وكذلك من بين الكوكبة يلمع اسم كل من صلاح أبوسيف صاحب فيلم «الوسادة الخالية»، وحلمى رفلة صاحب فيلمى «فتى أحلامى» 1958، و«معبودة الجماهير» 1967.
وفطين عبدالوهاب صاحب فيلم «البنات والصيف»، وحسن الإمام صاحب فيلم «الخطايا»، وأخيراً حسين كمال مخرج فيلم «أبى فوق الشجرة» أكثر أفلام العندليب نجاحاً، وتحقيقاً للإيرادات.. بل والحق يقال أكثر أفلام السينما المصرية نجاحاً.. إذ بقى فى دار السينما مستمراً عرضه دون انقطاع حوالى ستة وثلاثين أسبوعاً.
أبى فوق الشجرة
ومما يذكر عنه، أنه حينما كان يجرى عرضه، كان الشباب يدخل دار السينما أكثر من مرة ليحسب عدد القبلات التى تبادلها العندليب العاشق مع «نادية لطفى» غانية الميناء.
ومن عجب أن منافسه فى عشق تلك الغانية الفاتنة، كان أبوه، الذى لعب دوره «عماد حمدى»، وربما لذلك السبب لم ترخص له رقابة التلفاز بالعرض على الشاشة الصغيرة حتى يومنا هذا.