سارقوا الدراجات

هذا فيلم أبدعه المخرج فيتوريو دي سيكا، وإيطاليا مشلولة بالفقر إثر انتهاء الحرب العالمية الثانيةبهزيمة النازية والفاشية، واستسلام دولتي محور روما-برلين دون قيد أو شرط للحلفاء وبخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.
the-bicycle-thiefوتتمحور أحداث الفيلم حول رجل فقير عاطل عن العمل، يقيم في مدينة روما بعد نهاية تلك الحرب.
وبطبيعة الحال كان شغله الشاغل العثور علي عمل، وبعد جهد جهيد، أتيحت له فرصة العمل كأجير بمقابل زهيد في إحدي الشركات، ولكن بشرط أن يكون لديه دراجة…….لماذا؟ لأن طبيعة العمل المسند إليه تقتضي التنقل بين أماكن كثيرة، يلصق علي جدرانها ملصقات الدعاية للأفلام. غير أنه سرعان ما يتذكر أن الدراجة مرهونة، وحتي يفك رهنها، عملت زوجته علي جمع أغطية مخدع النوم لرهنها بدلا من الدراجة في بيت الرهونات.
ومن المفارقات أن أول ملصق استهل به العمل كان لفيلم نجمته “ريتا هييوارث”. وها هي أسطورة الإغراء في صورة مكبرة معبرة خير تعبير عن فارق الحياة بين عالمين، أحدهما واسع الثراء، والآخر يعاني من الفقر والحرمان. ولن أحكي كيف انتهي الفيلم بعد سرقة الدراجة والبحث عنها دون جدوي؛ فذلك شيء يطول، كل ما أستطيع أن أقول باختصار إنه في رحلة البحث هذه، وكان يصاحبه فيها ابنه الصغير.
عرض لنا الفيلم مجتمع ما بعد الحرب، في شتي صوره وأشكاله، مجتمع خال من الرحمة، لا مكان فيه لأن يأخذ الأنسان بيد أخيه الإنسان.
the-bicycle-thief2وأخيرا، يظل لي أن أقول إنه لم تمض سوي ثلاثة أعوام علي عرض الفيلم دوليا حتي كان قد وقع الإختيار عليه بوصفه أحسن فيلم في تاريخ السينما، وذلك وفقا لاستطلاع رأي قامت به مجلة السينما ذائعة الصيت “سايت أند ساوند” (الصورة والصوت) ، وشارك فيه عدد من أبرز نقاد السينما العالميين.
مصطفي درويش

لمشاهده إشاره الفيلم علي يوتيوب اضغط هنا

لمشاهده الفيلم كاملاً علي يوتيوب اضغط هنا

الجنرال ديللاروفيري

هذا فيلم من إبداع المخرج الإيطالي “روبيرتو روسيلليني” أحد الأقطاب الثلاثة الذين قامت علي أكتافهم الواقعية الجديدة. أما القطبان الآخران فهما “فيتوريو دي سيكا” و”ولوكينو فيسكونتي”.
generalوفي “الجنرال ديللا روفيري” حدث أمر غير مسبوق، إذ اجتمع الإثنان: “روسيلليني” و”دي سيكا” لأول وآخر مرة؛ الأول مخرجا، والثاني مؤديا للدور الرئيسي، بتقمصه شخصية الجنرال.
وموضوع الفيلم يتمحور حول شخصية لص صغير، يشاء له قدره، قريبا من نهايات الحرب العالمية الثانية، أن يعتقله رجال الجستابو الألماني أثناء احتلال ألمانيا الهتلرية لإيطاليا الفاشية، ومن ثم يرغمونه علي انتحال شخصية أحد أبطال المقاومة الإيطالية: الجنرال ديلا روفيري، وذلك حتي يكون في وسعهم انتزاع معلومات من خلاله، عن نشاط السجناء السياسيين. الغريب في الأمر أن الرجل المحتال المدسوس وسط السجناء، أتقن الدور المرسوم له، أي تقمص شخصية الجنرال، علي نحو اعتبره معه الرفاق السجناء أنه بطلهم الأمثل.
ولا غرابة فيما ذهبوا إليه من اعتباره بطلا أمثلا، لأنه، والحق يقال، أمعن في الإندماج حتي أصبح والشخص الذي ينتحل شخصيته (الجنرال) واحدا، بحيث صار هو الأخر بطلا، فإذا به متمرد ممتنع عن الإستجابة لأي من طلبات الجستابو فلا يؤدي منها شيئا، الأمر الذي كان لا بد معه أن ينتهي به الحال في الختام، بطلا مقاوما، محكوما عليه بالإعدام، شأنه في ذلك شأن الجنرال الذي تقمص شخصيته، ونفذ فيه الحكم الصادر عليه بالإعدام.
il_generalejpgوأخيرا، أري من المفيد أن أشير إلي فوز الفيلم بالعديد من الجوائز، أخص من بينها بالذكر جائزة الأسد الذهبي , كبري جوائز مهرجان فينيسيا.

مشاهده إشاره الفيلم هنا

مصطفي درويش

من روائع السينما العالمية

أبدأ بروائع الواقعية الجديدة:
١) روما مدينة مفتوحة.
٢) لصوص الدراجات.
٣) الجنرال ديللا روفيري.
والقاسم المشترك بين الأفلام الثلاثة هما رائدا الواقعية الجديدة روبرتو روسليني وفيتوريو دي سيكا؛ فصاحب روما مدينة مفتوحة هو المخرج روسليني، أما لصوص الدراجات فمن إخراج دي سيكا. وكلا الإثنين شارك فى إبداع “الجنرال ديللا روفييري”, روسليني بالإخراج، ودي سيكا بأداء الدور الأول، حيث تقمص شخصية الجنرال.
وفاتحة الواقعية الجديدة استهلت ب “روما مدينة مفتوحة”. ومما يعرف عن هذا الفيلم أنه ولد والحرب العالمية الثانية لم تكن قد انتهت بعد باستسلام إيطاليا الفاشية وألمانيا الهتلرية، فلقد كتبه روسليني أثناء الإحتلال الألماني لإيطاليا و صوره فور قيام الحلفاء بتحرير مدينة روما.
51c9mkjegul-_sy300_ورغم أن حكاية الفيلم من صنع الخيال، إلا أنها تتمتع بقوة إقناع الفيلم الوثائقي؛ فقصة الفيلم تدور حول أحد قادة المقاومة الملاحقين من قبل الجستابو, وتعرضه للخيانة قبل أن يعذب، و ينتهي به الأمر مقتولا، وفي نفس الوقت يلقي رجال الشرطة القبض علي الصديق الذي كان يؤويه ، فضلا عن إطلاق النار علي خطيبته ( بطولة أنا مانياني ) وهي تجري وراء شاحنة الجستابو حيث خطيبها ، فتلقي مصرعها.
وتتتابع الأحداث دامية بإعدام القس الذي ساعد رجال المقاومة رميا بالرصاص هو الآخر (قام بدوره ألدو فابريزي).
roma_citta_apertaوَمِمَّا يعرف عن إنتاج الفيلم أن مشاهده قد صورت في أماكن حدوثها الفعلية، لأن كل الأستوديوهات كان قد لحقها الدمار، حتي وصل فقر الإمكانيات إلي حد الإضطرار إلي تصوير بعض المشاهد في شقة إحدي ممثلات الفيلم، فضلا عن قيام “روسليني” و”مانياني” ببيع بعض من ملابسهما بغية توفير المال اللازم لشراء الفيلم الخام ؛ هذا كما أن المعدات كانت علي درجة من البدائية استوجبت تسجيل الصوت علي الفيلم بعد التصويرحتي يكون متزامنا مع الصورة.
وهكذا بدا وكأن الظروف البالغة السوء التى صنع فيها الفيلم تشير إلي إصرار مبدعيه علي الخروج به إلي النور.
www-kizoa-com_mussolini_768x0وقد تساوي المبدعان فيما بذلاه ليصب جهدهما في صالح الفيلم في نهاية المطاف.
يبقي لي أن أقول إنه لولا ذلك الأسلوب المتصف بالبساطة والتقشف الذي عرف فيما بعد تحت اسم الواقعية الجديدة والذي من بين خصائصه، علي سبيل المثال لا الحصر، المزج بين الممثلين المحترفين وغير المحترفين، والتصوير في الأماكن الفعلية للأحداث، فضلا عن فقر الميزانية؛ لولاه لما كان يتحقق للفيلم التأثير الكبير شرقا وغربا.
rome-open-city-009وختاما، فمما نسب لروسليني القول بإن الواقعية الجديدة لم تكن أبدا في نظره مجرد أسلوب ، بل كانت في حقيقة الأمر موقفا و وجهة نظر أخلاقية نشاهد من خلالها العالم؛ فالفيلم، والحق يقال، إنما يحكي أساسا مأساة مدينة بفكرها وكبريائها بروحها وإمكان بعثها من جديد.
لمشاهده إشاره الفيلم علي يوتيوب اضغط هنا