جحيم أم جنة نعيم

لم يختلف النقاد حول فيلم مثلما اختلفوا حول “مملكة الجنة” لصاحبه “ريدلي سكوت” ذلك المخرج البريطاني الذي سبق له إخراج “المصارع” فيلمه المتوج، قبل بضعة أعوام، لأكثر من جائزة أوسكار.

فالبعض قال في “مملكة الجنة” ما قاله “مالك” في الخمر. والبعض الآخر صعد به هو ومخرجه إلى أعلي عليين.

الضجة الكبرى.. لماذا؟

والسؤال لماذا هذا الخلاف، وعلام هذه الضجة الكبرى التي أثيرت حوله بدءًا من لحظة عرضه عالمياً قبل بضعة أيام.

المقصود “بمملكة الجنة” في الفيلم، مدينة القدس، وما حولها من أرض فلسطين، تحت حكم الصليبيين، وذلك قبل الحملة الصليبية الثالثة بقليل.

ففي ذلك الزمن الموغل في القدم وجيش صلاح الدين الايوبي (يتقمص شخصيته الممثل السوري “غسان مسعود” يدق أبواب القدس (اورشليم) يشتد الصراع بين جبهتين. أحدهما مكونة من غلاة الغزاة الصليبيين وغلاة المحاربين العرب.

انتصار أعداء السلام

فكلاهما يسعى إلى التخلص من الهدنة الهشة الموقعة بين الملك “بالدوين الرابع”، المريض بالجذام (يتقمص شخصيته النجم “ادوارد نورتون” الذي أخفى وجهه المشوه بالمرض وراء قناع فضي) والقائد “صلاح الدين”.

أما الجبهة الأخرى فمكونة من أنصار السلام في الجانبين المتنازعين. وهم، عكس الغلاة المتشددين يسعون جاهدين من أجل الحفاظ على تلك الهدنة، حقناً للدماء.

ولكن سعيهم، بسبب مؤمرات غلاة الصليبيين يبوء بفشل ذريع. فيزحف جيش صلاح الدين الجرار نحو مدينة القدس وما هي إلا أيام حتى يحكم عليها الحصار.

الخروج بأمان

وبعد معارك طاحنة بين جيشه والمدافعين عن المدينة المحاصرة، تحت قيادة “باليان” الفارس المغوار (يؤدي دوره اورلاندو النجم الصاعد الواعد) يدخلها جيش صلاح الدين منتصراً، ويخرج منها الصليبيون، نساء وأطفالاً ورجالاً، سالمين بعد أن أعطاهم القائد المنتصر الأمان.

ويعود “باليان” إلى وطنه فرنسا وقد عاهد النفس، بعد أن آمن بعالم واحد، متناغم، رغم اختلاف العقائد والأديان، عاهدها على ألا يسفك الدماء، وأن يكون دائماً وأبداً رجل سلام.

روعة المعارك

والأكيد أن مشاهد الفرسان، وهم على ظهر جيادهم يتبارزون، ومشاهد المعارك، خاصة ما كان منها متصلاً بحصار القدس (اورشليم)، قد تبدت منها براعة “ريدلي سكوت” في تصوير المجموعات وهي تتقاتل بوحشية، ودماء رجالها تتناثر حبات صغيرة، تعطي الاحساس بهول الأحداث.

يبقى لي أن أقول أن “اورلاندو بلوم” كان عكس قول نفر من النقاد، رائعاً في دوره كحداد في بداية الفيلم، ثم كفارس لا يشق له غبار.

ولقد ساعدته ملامح وجهه البريئة على أداء دور الإنسان الذي يعاني أزمة ضمير، والباحث عن عالم مثالي، يسوده السلام!!