فيلم هندي اسم غريب غاية الغرابة لفيلم كل ما فيه مصري، باستثناء أن بطلته “منة شلبي” مولعة أشد الولع بمشاهدة أفلام هندية، مع حبيب قلبها “أحمد آدم” والبكاء على ما آل إليه مصير بطل أو بطلة الفيلم الهندي وهو غالباً مصير فيه من التضحيات والمآسي الشيء الكثير.
فالفيلم وهو ثالث عمل سينمائي روائي طويل لمخرجه “منير راضى” لا ينتمي إلى المليودراما الهندية بأية حال من الأحوال.
أنه والحق يقال من ذلك النوع من أفلام الملهاة ذات الطابع الاجتماعي، التي تدغدغ حواسنا، بالإضحاك بغير ابتذال.
فبطلاه اللذان تدور حولهما الأحداث وجوداً وعدماً يؤدي دورهما “أحمد آدم” و”صلاح عبد الله”، وكلاهما نجم كوميدي، لامع، مشهود له بالقدرة على إضحاكنا، نحن المتفرجين، دون إسراف في الإسفاف.
والإثنان حسب رسم سيناريو المؤلف السينمائي الموهوب “هاني فوزي” لشخصيتهما، تجمعهما منذ الصغر صداقة استقرت في قلب كليهما، حتى استأثرت به، وملكت عليه كل شيء، وذلك رغم اختلاف الدين.
فآدم (الشاب سيد) مسلم، يمتهن الحلاقة، ومعها يهوى الطرب بأسلوب مغني “الراي” الجزائري (الشاب خالد).
ومن حين لآخر يشارك بالغناء في الأفراح والليالي الملاح، بحي شبرا، حيث يعمل ويقيم، و”صلاح عبد الله” (عاطف)، وهو الآخر من سكان هذا الحي، قبطي، مهنته تركيب الأطباق الهوائية.
وعكس صديق عمره (الشاب سيد)، شديد الحياء، والخوف من السقوط في هاوية الخطايا، مع بنات حواء.
مهرولاً دائماً إلى الكنيسة، حيث يعترف بأية نزوة مع فتاة، ملتمساً، وهو يكاد يبكي، الغفران وكلاهما خلافاً لسيناريو “هاني فوزي” الذي جرى تشويهه بالحذف والإضافة، قد فاته قطار الشباب، من زمان.
ومن هنا، فارق السن الكبير بين “منه شلبي” حبيبة “آدم” و”رشا مهدي” خطيبة (صلاح عبد الله) وهو فارق نال، لاريب، من مصداقية العلاقات الغرامية بين فتاتين في عمر الزهور، وبطلين في عمر الآباء.
فرغم طابعه الهزلي، يعتبر عملاً سينمائياً جاداً أراد به كاتب السيناريو أن يقول أشياء كثيرة، ربما أهمها أن الله محبة، وأن الصداقة خير وأبقى من علاقات عابرة، قوامها مصالح، عادة ليس لها دوام.
فـ”سيد” و”عاطف” كلاهما يضحي من أجل الآخر.
الأول بالتنازل لصديقه عن شراء الشقة اللقطة، محل النزاع بين الحبيبة والخطيبة.
والثاني بالامتناع عن توقيع عقد شراء الشقة، الأمر الذي انتهى به إلى فقد الشقة والخطيبة معاً، وذلك عندما علم أن صديقه، قد فقد بتنازله حبيبته التي آثرت الزواج من سواق رميس.
ومن الأكيد أن هذه التضحية المزدوجة من قبل الصديقين، هي الدافع الأول والأخير إلى إطلاق اسم “فيلم هندي” على العمل السينمائي الأخير لكل من “هاني فوزي” و”منير راضي”. فعادة مثل هذا النوع من التضحية لا يحدث إلا في الأفلام الهندية.
وهنا، قد يكون من المناسب أن أذكر أن كليهما، أي”هاني” و”منير” مقل في إبداعه، فالأول لم يخرج سوى ثلاثة أفلام، على امتداد أربعة عشر عاماً.
و”هاني” هو الآخر، ليس له سوى ثلاثة أفلام، مأخوذة عن سيناريوهات، من تأليفه، وذلك على امتداد عشرة أعوام.
ولعلي لست بعيداً عن الصواب، إذا ما جنحت إلى القول بأن فقر السينما عندنا، هذه الأيام، إنما يرجع أساساً إلى أن المخرجين وكاتبي السيناريو الجادين، منصرفون عن الإبداع، وأغلب الظن، أن ما دفعهم إلى ذلك أن هو إلا لون من ألوان اليأس، وليد أكثر من احباط وأكثر من ضرر، أدى إلى تعملق الأقزام في مجال السينما.