أبدأ بروائع الواقعية الجديدة:
١) روما مدينة مفتوحة.
٢) لصوص الدراجات.
٣) الجنرال ديللا روفيري.
والقاسم المشترك بين الأفلام الثلاثة هما رائدا الواقعية الجديدة روبرتو روسليني وفيتوريو دي سيكا؛ فصاحب روما مدينة مفتوحة هو المخرج روسليني، أما لصوص الدراجات فمن إخراج دي سيكا. وكلا الإثنين شارك فى إبداع “الجنرال ديللا روفييري”, روسليني بالإخراج، ودي سيكا بأداء الدور الأول، حيث تقمص شخصية الجنرال.
وفاتحة الواقعية الجديدة استهلت ب “روما مدينة مفتوحة”. ومما يعرف عن هذا الفيلم أنه ولد والحرب العالمية الثانية لم تكن قد انتهت بعد باستسلام إيطاليا الفاشية وألمانيا الهتلرية، فلقد كتبه روسليني أثناء الإحتلال الألماني لإيطاليا و صوره فور قيام الحلفاء بتحرير مدينة روما.
ورغم أن حكاية الفيلم من صنع الخيال، إلا أنها تتمتع بقوة إقناع الفيلم الوثائقي؛ فقصة الفيلم تدور حول أحد قادة المقاومة الملاحقين من قبل الجستابو, وتعرضه للخيانة قبل أن يعذب، و ينتهي به الأمر مقتولا، وفي نفس الوقت يلقي رجال الشرطة القبض علي الصديق الذي كان يؤويه ، فضلا عن إطلاق النار علي خطيبته ( بطولة أنا مانياني ) وهي تجري وراء شاحنة الجستابو حيث خطيبها ، فتلقي مصرعها.
وتتتابع الأحداث دامية بإعدام القس الذي ساعد رجال المقاومة رميا بالرصاص هو الآخر (قام بدوره ألدو فابريزي).
وَمِمَّا يعرف عن إنتاج الفيلم أن مشاهده قد صورت في أماكن حدوثها الفعلية، لأن كل الأستوديوهات كان قد لحقها الدمار، حتي وصل فقر الإمكانيات إلي حد الإضطرار إلي تصوير بعض المشاهد في شقة إحدي ممثلات الفيلم، فضلا عن قيام “روسليني” و”مانياني” ببيع بعض من ملابسهما بغية توفير المال اللازم لشراء الفيلم الخام ؛ هذا كما أن المعدات كانت علي درجة من البدائية استوجبت تسجيل الصوت علي الفيلم بعد التصويرحتي يكون متزامنا مع الصورة.
وهكذا بدا وكأن الظروف البالغة السوء التى صنع فيها الفيلم تشير إلي إصرار مبدعيه علي الخروج به إلي النور.
وقد تساوي المبدعان فيما بذلاه ليصب جهدهما في صالح الفيلم في نهاية المطاف.
يبقي لي أن أقول إنه لولا ذلك الأسلوب المتصف بالبساطة والتقشف الذي عرف فيما بعد تحت اسم الواقعية الجديدة والذي من بين خصائصه، علي سبيل المثال لا الحصر، المزج بين الممثلين المحترفين وغير المحترفين، والتصوير في الأماكن الفعلية للأحداث، فضلا عن فقر الميزانية؛ لولاه لما كان يتحقق للفيلم التأثير الكبير شرقا وغربا.
وختاما، فمما نسب لروسليني القول بإن الواقعية الجديدة لم تكن أبدا في نظره مجرد أسلوب ، بل كانت في حقيقة الأمر موقفا و وجهة نظر أخلاقية نشاهد من خلالها العالم؛ فالفيلم، والحق يقال، إنما يحكي أساسا مأساة مدينة بفكرها وكبريائها بروحها وإمكان بعثها من جديد.
لمشاهده إشاره الفيلم علي يوتيوب اضغط هنا