بونو بونو.. جديد أم قديم

كان “جنه الشياطين” أول فيلم من صنع بلدنا، أشاهده في العام الجديد. وكان “بونو بونو” الفيلم الثاني مباشرة لجنة الشياطين.

أما الأفلام الأجنبية التي شاهدتها مع مطلع عام ألفين، فكان أولها “جان دارك” لصاحبه “لوك بيسون” المخرج الفرنسي الموهوب. وثانيها “الحاسة السادسة” للمخرج الأمريكي المنحدر من أصول هندية “نابت شيمايا لان”.

وفيما عدا هذه الأفلام الأربعة لم أشاهد شيئاً، إلا إذا استثنينا “البرتقالة الآلية” رائعة المخرج الأمريكي الراحل “ستانلي كوبريك”، التي شاهدتها مع جمهور الملتقى السينمائي بالمجلس الأعلى للثقافة. وهذا يعني أنني لم أشاهد فيلمي “جميس بوند” والسفير عادل إمام حتى الآن.

وعلى كُلٍ، فالبادي من ظاهر الدعاية لأفلامنا في العيد السعيد، وهي أربعة لا تزيد، أنها، وباستثناء “جنة الشياطين”، من ذلك النوع السائد في هذه الأيام، أي النوع الذي لا يقصد من انتاجه سوى دغدغة حواس المتفرج بالإضحاك.

وليس غريباً أن يكون “النمس” بطولة محمود عبد العزيز و”هاللو أمريكا” بطولة السفير “عادل إمام” من أفلام الملهاة.

القاعدة والاستثناء 

فكلاهما، أي بطلا الفيلمين من ملوك الضحك، ما في ذلك شك.

الغريب حقاً أن يكون “بونو بونو” بطولة نادية الجندي من ذلك النوع من الأفلام. وأن تدخل بطلته في منافسة مع من؟ السيد السفير عادل إمام!!

ولو استرجعنا على شاشة ذاكرتنا أفلام نجمة الجماهير لما بدا الأمرغريباً. فقبل ستة عشر عاماً لعبت الدور النسائي الرئيسي أمام “عادل إمام” في “خمسة باب” ذلك الفيلم الكوميدي الذي صدر قرار من الرقابة بسحب الترخيص بعرضه، بمقولة أنه يسئ إلى سمعة البلاد.

وتنفيذاً لذلك القرار الجائر استمر “خمسة باب” ممنوعاً من العرض العام، زهاء عشرة أعوام. ولولا صدور حكم قضائي من مجلس الدولة لصالح فيلم آخر جرى منع عرضه مع “خمسة باب” وهو “درب الهوى”، لولا ذلك، لما استرد فيلم “نادية – إمام” حقه في العرض العام، حتى الآن.

إذن “نادية” ليست غريبة على عالم الملهاة، بحكم ماض يؤهلها للعودة إلى هذا العالم، متى تشاء.

الشوق والحنين

ولقد شاءت أن تعود إليه في “بونو بونو” ربما من منطلق الشوق والحنين.

ولأمر ما، لا نراها، بدءا من لقطات قيامها باستبدال ملابسها وزينتها في دورة مياه أحد الفنادق، إلا وهي متنكرة في صورة رجل بشنب، مرتد ثياب الرجال، وتظل على هذا الحال زمناً طويلاً.

أما لماذا تنكرت على هذا النحو، فذلك لأن الفيلم يبدأ بها هاربة من مستشفى للمجانين، وفي محاولة منها لتضليل مطارديها، أختارت التخلي عن أنوثتها إلى حين.

وهو اختيار صعب، لان محاكاة المرأة للجنس الآخر بالتنكر على نحو تبدو معه وكأنها رجل أكثر صعوبة من محاكاة الرجل لجنس النساء.

ومن هنا، كثرة الأفلام التي يحاكي فيها الرجال الجنس اللطيف، وندرة الأفلام التي تجري فيها المحاكاة على العكس من ذلك.

ولعل “البعض يحبونها ساخنة” لصاحبه المخرج “بيلي ويلدر” واحد من أشهر أفلام النوع الأول، وأكثرها نجاحاً وصموداً لعاديات الزمان.

ففيه نرى “جاك ليمون” و”توني كورتس” متنكرين ومتزينين مثل النساء، متسللين إلى عربة نوم في قطار، منحشرين وسط فرقة من العازفات، بينهن “مارلين مونرو” نجمة الاغراء.

وبفضل هذا التنكر، تكتب لهما النجاة من مطاردة عصابة من غلاة الأشرار.

الشنب لماذا؟

أما أشهر أفلام النوع الثاني، فلعله “ڤيكتور.. ڤيكتوريا”، حيث لعبت “جولي اندروز” نجمة صوت الموسيقى  دورين فهي تارة “ڤيكتور” وتارة أخرى “ڤيكتوريا”.

والفيلم يبدأ بها مغنية، تبحث عن عمل في ملهى وبعد عناء عثرت على عمل، ولكن بشرط ارتضته اضطراراً. أن تزعم أنها رجل، وذلك الرجل في وسعه الظهور في الكباريه بمظهر امرأة، تغني مثلما تغني المطربات.

ومما سهل مهمة نجمة صوت الموسيقى، وهي تؤدي الدورين، أنها لم تركب شنباً.

ولكن نجمة”بونو بونو” اختارت الطريق الأكثر مشقة، أي أن يكون لها شنب. وقد يكون السبب أن قسمات وجه “نادية” أكثر أنوثة من قسمات “چولي” بوجناتها البارزة، كما الرجال.

وعلى كُلٍ، “فبونو بونو” فيلم قوامه المفارقات الناجمة عن تخفي بطلته في صورة رجل، مثلها في ذلك بطلة “ڤيكتور.. ڤيكتوريا”، ولكن مع فارق أراه كبيراً.

فنادية الرجل سرعان ما ينكشف أمرها، ولما يصل الفيلم إلى منتصفه، وتعود نجمة حركة حسناء، مطاردة من الأشرار، ومنتصرة عليهم في نهاية المطاف.

جمال الأجسام

أما كيف طوردت، وكيف انتصرت، فذلك أمر يطول فيه الحديث.

كما أن الخوض في تفاصيل المطاردات والانتصارات قد يحرم القارئ من متعة المفاجآت، وما أكثرها في بونو بونو!!

ومع ذلك، يحق عليّ أن أقول أن السيناريو مليء بالثغرات. ويا حبذا، لو حاول صاحبه “أحمد البيه” التعلم من روائع مثل “البعض يحبونها ساخنة” و”ڤيكتور.. ڤيكتوريا”.

وأن بطل الفيلم “ياسر جلال” أمامه مستقبل زاهر، فيما لو سعى جاهداً إلى استرداد لياقته البدنية، متمثلاً بنجمة الجماهير!!