صحوة كوكب القردة

هذا فيلم يعيد إلي شاشة ذاكرتنا سلسلة أفلام كوكب القردة، بطولة النجم «شارلتون هستون» الذي جاءته الشهرة بفضل تقمصه لشخصيتي «النبي موسي» في «الوصايا العشر» و«بن هور» في فيلم بنفس الاسم، تلك السلسلة التي عرضت أفلامها قبل حوالي أربعة عقود من عمر الزمان.

ومع ذلك فاهتمام السينما وبالذات هوليوود بالقرود وعلاقتها ببني الإنسان إنما يرتد في واقع الأمر إلي تواريخ سابقة علي تلك السلسلة وأفلامها بكثير.. ففي مستهل ثلاثينيات القرن العشرين بهر مصنع الأحلام في هوليوود رواد السينما بمارد من فصيل الغوريلا عرف تحت اسم «كينج كونج» يصارع ببسالة طائرات مقاتلة تهاجمه في محاولة منها لإنقاذ حسناء شقراء في قبضته لأنه وقع في حبها، وكل ذلك أين؟.. علي قمة أعلي ناطحة سحاب في العالم وقتها «امباير ستيت بلدنج» ونظراً إلي نجاح فيلم «كينج كونج» أسرعوا بإنتاج سلسلة أفلام طرزان التي كان من بين أبطالها شمبانزي اسمها «شيتا».

وقبل سلسلة أفلام كوكب القردة بقليل وتحديداً في مستهل ستينيات القرن الماضي فاجأنا «ستانلي كوبريك» المخرج ذائع الصيت بفيلمه «أوديسا الفضاء» 2001 حيث علي امتداد أكثر من عشرين دقيقة بدءاً من نهاية العناوين لا نري سوي أرض موحشة مكونة بقطعان من الشامبنزي تتقاتل فيما بينها من أجل البقاء.
Rise-of-the-Planet-of-the-Apes

وأعود إلي فيلم «صحوة كوكب القردة» 2011 لأقول إنه مأخوذ عن قصة للأديب «بيير بول» ترجمها إلي لغة السينما المخرج الإنجليزي «ربرت ويات» وثمة أصداء في فيلمه عن فيلم وثائقي اسمه «مشروع تيم» 2011 وصاحبه مخرج إنجليزي آخر «جيمس مارشن» وهو – أي الفيلم الوثائقي – يسجل تجربة أجريت بالفعل أثناء سبعينيات القرن الماضي من أجل إثبات أن الشمبانزي في وسعه أن يتعلم الاتصال عبر اللغة، فيما لو جرت نشأته علي النحو الذي تجري به تنشئة أطفال بني الإنسان.

والدور الرئيسي في «صحوة كوكب القردة» قد أسنده المخرج إلي الممثل «جيمس فرانكو» الذي تقمص شخصية عالم «ويل رودمان» يجري أبحاثاً لحساب إحدي الشركات الكبري المنتجة للدواء بهدف التوصل إلي عقار يشفي من مرض فقدان الذاكرة «الزهايمر».. وهو يجريها كالمعتاد علي قردة من نوع الشمبانزي بوصفة أقرب الأنواع من ناحية الجينات الوراثية إلي الإنسان، ولأمر ما يتوقف تمويل أبحاثه، ومع ذلك يدفعه الإصرار إلي مواصلة المشوار في بيته حيث يجري أبحاثه وتجاربه علي شمبانزي وليد فقد أمه، ويتقمص شخصيته «أندي سركيس» وهو ممثل تخصص في أداء أدوار لا يظهر فيها إلا متحولاً في شكل كائن غريب مثل «الجوليم» في ثلاثية «لورد الخواتم».
Rise-of-the-Planet-of-the-Apes1

هذا ومن خلال أبحاثه وتجاربه هذه تبين له علي وجه اليقين أن الشمبانزي الوليد واسمه «سيزار» بوسعه بفضل عقار أحد ثمار تفانيه في البحث والتجربة، أن يرقي بذكائه غير المعتاد فيتعلم مثله في ذلك مثل الإنسان بل وأن يتصل بالغير عبر لغة الكلام.

كما تبين له أن والده «شارلز رودمان» المصاب بمرض فقدان الذاكرة قد استرجع ذاكرته بفضل تناول ذلك العقار.. ولأن الفيلم من ذلك النوع الذي تمزج فيه الحركة بالخيال الجامح، مع قدر ما من الدراما، افتعل السيناريو بضع دقائق من بينها اعتداء الشمبانزي «سيزار» علي جار «ويل رودمان» الأمر الذي انتهي به محبوساً مع جمع من فصيل الشمبانزي في إحدي حدائق الحيوان.

ومع إساءة معاملته من الحراس، وبفضل اتساع مداركه، وحدة ذكائه، استطاع إقناع جموع الشمبانزي بضرورة التمرد.. فإذا ما تمردوا قادهم إلي مدينة سان فرانسيسكو حيث حاولت قوات الشرطة التغلب عليهم، ولكن دون جدوي.

ولعلي لست مغالياً إذا ما وصفت مشهد القتال الدائر بينهم وبين رجال الشرطة علي كوبري البوابة الذهبية بتلك المدينة الرائعة الجمال بأنه مشهد مثير، فيه من ألوان الحركة الشيء الكثير.

وبفضله ارتفع الفيلم إلي مستوي ليس له ما فوقه بين أفلام الحركة التي عرضت أثناء موسم الصيف الحالي.. يظل لي أن أقول إن الفيلم لا سيما في مشهد الكوبري اختزل البشر في صورة متوحشين بغير عقل، في حين أظهر القرود في صورة كائنات ذكية، إذا ما ارتكبت أفعالاً سيئة، فإنها ترتكبها، علي سبيل التقليد لسلوكيات بني الإنسان.