أخيراً، وبعد ثمانية عشر شهراً من عرضه في أمريكا وأوروبا، وبعد فوزه بجوائز أوسكار أفضل فيلم ومخرج وممثل وممثلة رئيسيين، قبل خمسة شهور، مكتسحاً بذلك جميع الأفلام الأخرى التي كانت مرشحة معه للأوسكار. ها هو ذا “صمت الحملان” يعرض عرضاً عاماً في القاهرة الآن.
وقد يذهب قائل إلى القول بأن الفيلم قد سبق وأن عرض في القاهرة قبل تسعة شهور ضمن أفلام مهرجان القاهرة السينمائي الأخير.
ولكن هذا العرض، والحق يقال، مر مرور الكرام، في زحمة أفلام غير مترجمة إلى لغتنا الجميلة، ووسط فوضى عروض هذا المهرجان.
وعلى كُلٍ، فصمت الحملان صاحبه المخرج “جوناثان ديم” المرشح حالياً لإخراج أول فيلم من انتاج استديوهات هوليوود الكبرى، يتناول مأساة مرضى الإيدز، ذلك المرض الذي يتهدد الانسانية بالدماروالفناء.
وبطلا الفيلم هما “جودي فوستر” والممثل الانجليزي “انطوني هوبكنز”.
سفاحون وعلماء
ولقد سبق للبطلة الفوز قبل ثلاث سنوات بأوسكار أفضل ممثلة رئيسية عن أدائها لدور الفتاة المعتدى عليها في فيلم “المتهمين”.
وهي بفوزها مرة أخرى بالأوسكار عن أدائها لدور ضابطة مباحث اتحادية “كلايس” في صمت الحملان، أنما تكون بذلك واحدة من الممثلات المتميزات، اللاتي كان من حظهن الفوز بتلك الجائزة أكثر من مرة، وهو أمر لا يحدث إلا لمن كان من النجوم في مثل منزلة “كاترين هيبورن” و”بت ديفيز” و”فيفيان لي” و”انجريد برجمان”.
وأحداث “صمت الحملان” تبدأ بكلاريس مكلفة من رئاستها في جهاز المباحث بزيارة سفاح عشوائي متوحش متعطش لدماء البشر، هو الدكتور العالم النفساني “هانيبال ليكتر”انطوني هوبكنز”.
فنراها، وهي تزوره في زنزانته الغريبة العجيبة، المحكمة البناء، بحيث يمتنع التماس بينه وبين الناس سواء أكانوا من الحراس أو الزوار.. لماذا؟
رغبات وتحولات
لأنه لو تمكن “هانيبال” من أي جزء من أجزاء جسم الحارس أو الزائر لنهشه نهشاً مثل خساس الحيوانات.
وتكليف “كلاريس” بزيارة العالم السفاح، أنما كان الغرض منه اكتشاف أمرسفاح عشوائي آخر “بفلوبيل” كان العالم السجين يقوم بعلاجه، قبل أن يتحول بدوره إلى آكل للحوم البشر، متعطش للدماء.
وبفضل لقاءات متكررة معه، تنجح”كلاريس” في الوصول إلى حيث يقيم “بفلوبيل” السفاح المطلق السراح، فإذا به شخصاً يمقت رجولته، يتمني لو يولد من جديد، بشكل مختلف، يعيش حبيس بيت أشبه ببيوت الأشباح، حيث يعزل عن العالم فرائسه من النساء.
قنبلة زمنية
والغريب من أمر “صمت الحملان”، ليس كل هذا، وليس الرموز الزاخر بها بدءًا من أول مشهد حيث نرى “كلاريس” تجري لاهثة، هاربة، وكأن شيئاً مخيفاً يطاردها، يتهدد حياتها.
فإذا بنا نكتشف، بعد ثوان، أنها تجري حفاظاً على لياقتها البدنية باعتبارها ضابطة شرطة في جهاز ساهر على حماية الأمن والأمان.
وأنما الغريب، هو هروب “هانيبال” من زنزانته، بعد أن تخلص من حراسه بوحشية منقطعة النظير.
وانتهاء الفيلم به متنكراً في ثياب سائح، متحدثاً إلى”كلاريس” من جزيرة هايتي، لا لسبب سوى السخرية منها بتحديد موعد معها على العشاء.
وكأني بصاحب صمت الحملان يريد بهذه النهاية أن يقول أن السفاح العشوائي، إن هو إلا هدية أمريكا إلى العالم الثالث بمعنى آخر قنبلتها الزمنية القابلة في أي وقت للانفجار.