حشود من رواد السينما ومن أحباب النجم »توم هانكس« الفائز مرتين بجائزة اوسكار افضل ممثل رئيسي، وقراء قصة دان براون »شفرة دافينشي« اعادت الروح الي دور السينما في مدن العالم الحر بتزاحمها امامها سعيا الي مشاهدة الفيلم المستمد من تلك القصة التي اقبل علي قراءتها عشرات الملايين في مشارق الأرض ومغاربها، وما أبدع هذا التزاحم الذي بفضله حقق الفيلم في الولايات المتحدة وكندا ايرادات وصلت خلال اسبوع واحد الي سبعة وسبعين مليون دولار وذلك رغم الحملة الضارية التي شنتها ضده قوي الظلام.
وبفضله حقق في انحاء الأجزاء الأخري الحرة من المعمورة ايرادات بلغت حتي الآن حوالي مائتين وأربعة وعشرين مليون دولار وهو رقم مذهل بكل المعايير لم يصل اليه من قبل سوي الجزء الثالث من »حرب النجوم«.
وبحكم تردي وضع حرية التعبير السينمائي عندنا لم تتح للفيلم فرصة عرضه عرضا عاما في ديار مصر حيث اعتادت الرقابة الانحناء بغير وعي لدعاة منع اي نوع من الافلام يأتي بجديد غير مألوف بذريعة ان عرضه علي الكافة اي أمثالنا الغلابة من عباد الله قد يشكل تهديدا للسلام الاجتماعي وتعكيرا لصفو الأمن العام.
وهناك خسارة لا شك فيها من منع هذا النوع من الافلام لأن مؤداه بحكم اللزوم نشوء فراغ فني لا تملؤه سوي افلام سينما شاخت وباخت من بين اعمالها اذكر علي سبيل المثال: »مهمة مستحيلة« الجزء الثالث من مسلسل افلام موضوعها يدور وجودا وعدما حول مغامرات عميل احدي وكالات المخابرات الأمريكية اسمه »ايتان هنت«، وأذكره رغم انه ليس أكثر الافلام الأمريكية المعروضة سوءا لا لسبب سوي ان عرضه عندنا تزامن مع منع عرض »شفرة دافنشي« أو إشاعة منع عرضه. وكما هو معروف فبداية هذا المسلسل كانت بفيلم اخرجه برايان دي بالما ـ 1996 ـ وفيه ادي دور العميل »ايتان هنت« ـ توم كروز ـ ذلك النجم الذي اكتشفه قبل ربع قرن الا قليلا »فرانسيس فورد كوبولا« صاحب ثلاثية »الأب الروحي« فأسند له دورا مهما في فيلم »الخوارج« 1983 حيث برز من بين حشد من الشباب الواعد شاركه بطولة الفيلم وذلك بفضل حضور قوامه وسامة وابتسامة مشرقة وضاءة تبعث البهجة في القلوب.
وانطلاقا من هذه البداية المبشرة لمع اسمه في سماء هوليوود حيث اصبح نجم شباك تدر افلامه ارباحا تقدر بعشرات الملايين من عزيز الدولارات.
والفيلم ويا ليته يكون الجزء الأخير من ثلاثية يختتم بها مسلسل العميل »ايتان« لا يعالج من قريب أو بعيد اية قضية تهم الناس شأنه في ذلك شأن الفيلمين الاول والثاني فهو عبارة عن مغامرات تثير السخرية تنتقل ببطلها »ايتان« من شئ سخيف الي شئ أكثر سخافة وفي الوقت نفسه من لغز غامض الي لغز أكثر غموضا ومن رمز خفي الي رمز اشد منه خفاء. والشئ المحقق ان متابعة حبكة هذه المغامرات المعقدة اشد تعقيد مضيعة للوقت. حقا ان صاحب الفيلم المخرج »ج.ج ابراهامز« لم يبخل علينا بمغامرات عمادها حركة متواصلة تنتقل بنا الي اماكن عديدة أذكر من بينها برلين ومدينة الفاتيكان وشنغهاي بناطحات سحابها حيث يقفز توم كروز بينها وكأنه طرازان ومع ذلك فكل هذا التنقل المحموم يدفعنا الي التساول عن جدواه أصلا. ولأن الفيلم لا يعدو أن يكون هراء فلم يحقق ما كان مرجوا له من ايرادات في الولايات المتحدة وكندا (47 مليون دولار في الاسبوع الاول اي اقل من ايرادات »شفرة دافنشي« بثلاثين مليون دولار!!)
ولا غرابة في هذا الفشل فهو فيلم بليد، ما ان نصل الي بيوتنا حتي يكون كل اثر له قد تبخر من ذاكرتنا!!