ميونيخ والحرمان من الأوسكار

كان فيلم “ميونيخ” من بين الأفلام الخمسة المرشحة لجائزتي أوسكار أفضل فيلم ومخرج، وهما أعلى الجوائز شأناً.

وعلاوة على ذلك كان مرشحاً لثلاث جوائز أخرى، وهي أوسكار أفضل سيناريو مستوحى من عمل فني آخر، وأفضل موسيقى تصويرية وتوليف.

ورغم أن ميونيخ من ابداع “ستيفن سبيلبرج” السابق له الفوز بأوسكار مرتين. إحداهما هو وفيلمه “قائمة شندلر” (1993) والأخرى عن اخراجه فيلم “انقاذ النفر رايان” (1998) رغم ذلك، خرج من مضمار المنافسة على الجوائز الخمس خاسراً.

كأس العذاب

وحتى فيلمه “حرب العوالم” – “جمع عالم بفتح اللام وليس جمع عالمة”- الذي كان مرشحاً في نفس المضمار لجائزتي أوسكار أفضل مؤثرات مرئية وتوليف صوت، هو الآخر قد خرج خاسراً صفر اليدين!!

ولعلها المرة الأولى في حياة عميد مخرجي هوليوود التي يرى فيها نفسه ذائقة مرارة الحرمان من الفوز ولو بجائزة يتيمة، وذلك رغم وجود فيلمين له في مضمار التنافس على جوائز أوسكار.

سر الحرمان

ورغم أن “ميونيخ” يعتبر، والحق يقال أحد أهم الأعمال التي ابدعها خيال “سبيلبرج” على امتداد اثنين وأربعين عاماً من عمر الزمن.

وعلى كُلٍ، فنظرة طائرة على الفيلم، وكيفية تناول “سبيلبرج” لموضوعه الحساس، قد تفيد في التوصل إلى معرفة سبب ذلك الحرمان.

والفيلم يعود بنا إلى دورة الألعاب الأوليمبية بميونخ (1972).

وأحداثه تبدأ بعملية اختطاف أحد عشر لاعباً اسرائيلياً من القرية الأوليمبية بواسطة نفر من الفدائيين الفلسطينيين، نجح في التسلل إلى القرية في جنح الظلام.

وهي عملية، كما هو معروف، انتهت بمصرع جميع الرياضيين المختطفين.

وحسبما يقول الفيلم، نقلاً عن التاريخ، فما أن طيرت وكالات الأنباء خبر مصرعهم، حتى عقدت “جولدا مائير” رئيس وزراء اسرائيل وقتذاك اجتماعاً عاجلاً بمنزلها، حيث وافقت على الخطة التي أعدتها المخابرات الاسرائيلية “الموساد” لاغتيال الرؤوس المدبرة لمذبحة الرياضيين الاسرائيليين.

كتيبة الإعدام

ووفقاً لهذه الخطة تم تكليف أحد رجال تلك المخابرات “افنر”- ويؤدي دوره الممثل الاسترالي “اريك بانا” بتزعم فريق، مهمته تتبع أحد عشر فرداً شاركوا بشكل أو بآخر في عملية ميونيخ، والتخلص منهم بالاغتيال.

وطبعاً يؤدي “افنر” المهمة المكلف بها على خير وجه، في أكثر من مدينة.

بداية في روما، ثم في باريس، وبعدها أثينا.

أزمه ضمير

ومع استمرار عمليات الاغتيال للفلسطينيين والاغتيال المضاد لأفراد الفريق الاسرائيلي، يهتز يقين “افنر” يشعر بأنه مستهدف، وفي النهاية يفقد ثقته بجدوى الانتقام، يراه عملاً عبثياً لا يؤدي إلا إلى مزيد من إراقة الدماء.

فيستقيل، ويغادر اسرائيل إلى نيويورك حيث يعيش مع زوجته متوهماً أنه نجا هو وأسرته من دائرة الانتقام.

ويحاول “افراهيم” رئيسه في المخابرات – ويؤدي دوره “جيوفزي رش” الفائز بأوسكار أفضل ممثل رئيسي عن أدائه في فيلم “البريق” (1996) – يحاول أن يثنيه عن عزمه، والعودة به إلى أرض اسرائيل، فيفشل.

وينتهي الفيلم به، واقفاً، بعد رفض العودة، بجانب كوبري بروكلين، وفي الخلفية البرجان التوأم اللذان تعرضا للنسف في الحادي عشر من سبتمبر قبل خمسة أعوام.

وكأن صاحب الفيلم يريد أن يقول بأظهار البرجين أن استمرار العنف المتبادل بين الفلسطينيين والاسرائليين مؤداه امتداد العنف إلى جميع ارجاء المعمورة بما في ذلك بلاد العم سام!!

وفيما يبدو، لم تلق هذه الخاتمة قبولاً لدى الغلاة من أعضاء أكاديمية فنون وعلوم السينما، فلم يصوتوا لصالح فيلمي “سبيلبرج”.

ومن هنا عقابه بالحرمان!!