الأوهام‭ ‬حين‭ ‬تصحو‭ ‬وتنام

كان امرا مفاجئا، عندما وجه إلي أحد النقاد سؤالا، عن هوليوود، حيث مصنع الأحلام، المهيمن على مسار السينما العالمية.
وهل سيكتب لمصنعها هذا، الاستمرار فى انتاج ذلك النوع من الأفلام الذى قوامه تمجيد بطولات أمريكية خارقة، متمثلة فى رجال، خارج الزمان، أذكر من بينهم، على سبيل المثال »سوبرمان«، «الرجل العنكبوت» و»الرجل الوطواط».
وذلك بعد نجاح نفر من عتاة الارهابيين، فى تدمير البرجين التوأم بحى «مانهاتان»، فضلا عن جانب من مبنى وزارة الدفاع (البنتاجون).
وهى عملية اطلق عليها بلغة الخطاب الارهابي، من باب الزهو والفخار، غزوة مانهاتان.
ام انه أى مصنع الأحلام سيمتنع عن انتاج ذلك النوع من الأفلام، خجلا، وتحت وطأة تلك الغزوة التى كشفت النقاب عن هشاشة جبروت، أغنى وأقوى دولة فى دنيانا.
وكان الظاهر من لهجة السؤال، ان صاحبه، على يقين أو شبه اليقين من أن الاجابة على سؤاله ستكون بأن أيام ذلك النوع من الأفلام، قد ولت إلى غير رجعة بحكم ان مصنع الأحلام ليس فى وسعه بعد غزوة مانهاتان، الاستمرار فى بيع أوهام بطولات زائفة، أصبح أمر ترويجها من الصعوبة بمكان، ان لم يكن امرا مستحيلا.
غير ان اجابتى على سؤاله جاءت على عكس كل توقعاته.
ذكرت له أن «هوليوود» ستتمادى فتزيد من جرعة ذلك النوع من الأفلام.
وفعلا وعلى مدار الأعوام العشرة التالية لتلك الغزوة زادت الجرعة، على نحو أصبحت معه حل أفلام الانتاج الضخم، ان لم يكن كلها مدار موضوعاتها تمجيد بطولات رجال من أمثال «الرجل العنكبوت» و»الرجل الوطواط».
spidermann ومرت الأيام أعواما بعد أعوام وجاء الربيع العربى باحداثه الجسام، بدءا من تونس الخضراء.
ومرة اخري، وجدتنى مواجها بأسئلة حول مستقبل السينما.
ولكن غير السينما الامريكية.
كانت السينما محل السؤال، هى السينما المصرية ومستقبلها فيما هو قادم من أيام.
وكان المزاج العام المنعكس على أصحاب الاسئلة، هو التفاؤل الشديد.
فلن تمر سوى بضعة أشهر، إلا وتكون قد انبعثت، بفضل الربيع العربى وسينما مصرية متحررة من اغلال ماض، اصابها بداءى الاستسهال، والابتذال وكلاهما لازمها طوال العهود البائدة بدءا من نشأتها الأولى حتى انتهى بها الأمر إلى ماهى عليه الآن.
ورغم اننى لم أكن من القوم المسرفين فى ذلك النوع من التفاؤل إلا اننى لم أكن مستسلما لظلام التشاؤم واليأس.
ومن هنا توقعى أن تظهر مع مجيء الربيع العربى بشائر سينما جديدة فى شكل أفلام رائدة تقول لنا شيئا مفيدا يرتفع شيئا فشيئا بمستوى ذوقنا العام.
غير انه وعكس توقعى مرت الأيام شهرا بعد شهر وعيدا بعد عيد دون ان تظهر بشائر السينما المرجوة وعلى مدار أعوام ثلاثة أخذ عدد الأفلام المنتجة يقل شيئا فشيئا.
كما أخذ مستواها الفنى والفكرى يتدهور حتى كاد ينحدر الى الحضيض.
ولقد ظهر أثر ذلك واضحا فى الأفلام التى عرضت فى دور السينما أثناء أيام عيد الفطر الأخير.
فعددها لم يزد عن خمسة أفلام، من بينها ثلاثة من انتاج مجموعة السبكى اخوان وهى «قلب الأسد»، «البرنسيسة» و»كلبى دليلي».
وكان انجح الأفلام الخمسة «قلب الأسد» والذى حقق أعلى ايرادات، وهو أول فيلم لمخرجه «كريم السبكي»، كما انه ثالث فيلم لبطله «محمد رمضان».
و”قلب الأسد” غير الملك ريتشارد قلب الأسد الذى وقف عنده التاريخ طويلا.
انه بلطجى جعل منه سيناريو الفيلم بطلا لايشق له غبار.
وكالمعتاد فى سينما السوبكية فيلم “قلب الأسد” فيه من أنواع التوابل لزوم الشيء فى السينما الرديئة فيه منها الشيء الكثير.
وبفيلم “قلب الأسد” وغيره من افلام العيد لايرجى للسينما المصرية خير فى المستقبل الغريب!!