الرئيس “نيكسون” وكيف سقط من القمة إلي الحضيض

كان واعني به الرئيس السابع والثلاثين فى تاريخ الولايات المتحدة “ريتشارد ويلهاوس نيكسون” نجما لامعا فى سماء السياسة الامريكية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
فمع الجنرال “ايزنهاور” الذى انتخب لفترتين رئيسا للولايات المتحدة، انتخب هو الآخر نائبا له (1956 ـ 1961)
وبحكم ذلك، استمر لاعبا اساسيا فى ساحة السياسة الامريكية والعالمية، لمدة طالت الى ثمانية اعوام
ورغم هزيمته أمام خصمه “جون كينيدي” مرشح الحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية عام 1961وهزيمته مرة أخرى فى الانتخابات لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا
سرعان ما عاد، بعد ستة اعوام إلى المعترك السياسي، حيث حقق حلم حياته، الفوز برئاسة اغنى واقوى دولة، لا لفترة واحدة، بل لفترتين (1969 ـ 1974)
إلا انه وعلى غير المعتاد لم تنته ولايته الثانية بالخروج من البيت الابيض معززا، مكرما شأنه فى ذلك شأن جميع الرؤساء السابقين عليه
وإنما انتهت بخروجه من ذلك البيت، مستقيلا بطريقة مخزيه، موصوما بعار ظل يطارده الى أن جاءه الموت (1994) بعد فوات عشرين عاما، على ذلك الخروج المذل، المهين (9 اغسطس 1974) مخلفا وراءه، بموته، سيرة لاول رئيس امريكى يجبر على مغادرة بيت الرئاسة، مستقيلا منبوذا يجر اذيال الخيبة والعار
اما لماذا كان خروجه على ذلك النحو، غير المسبوق فى تاريخ الولايات المتحدة، فذلك يرجع الى ما يعرف بفضيحة ووترجيت” تلك الفضيحة التى انتهى كشف المستور منها، على مدى أربعة أعوام، الى ثبوت ثلاث منهم فى حق الرئيس المستقيل، وهى اعاقة العدالة، واساءة استعمال سلطاته الرئاسية، فضلا عن عدم امتثاله للاستدعاءات القضائية
ولن احكى تفاصيل تلك الفضيحة، فذلك شئ يطول، مكتفيا بأن اقول، ان تفاصيلها حكيت بأسلوب فيه من التشويق الشئ الكثير، فى كتاب “كل رجال الرئيس لصاحبيه” بوب وودوارد” و “كارل برنشتين” الصحفيين بجريدة “الواشنطن بوست” واللذين يعود الفضل فى كشف خفايا تلك الفضيحة، الى التحقيقات الصحفية التى قام بها فى جو مشحون بالمخاطر حتى وصل التهديد لهما الى حد القتل والخطف، وما الى ذلك من وسائل عصابات الجريمة المنظمة”
وكتابهما هذا ترجم الى لغة السينما فى فيلم بنفس الاسم (1976) اخرجه “اكن باكيولا” لذى اسند دورى صاحبى الكتاب الى النجمين ” روبرت ردفورد” و “داستن هوفمان”.
وما أن غادر “نيكسون” دنيانا فى 22 من ابريل لعام 1974 حتى بدأ المخرج “اوليفرستون” فى ابداع فيلم عن الرئيس الراحل اسماه “نيكسون” واسند تقمص شخصية الرئيس للممثل البارع “انطونى هوبكنز”.
nixon وعلى غير المعتاد لم يبدأ سرد سيرته من بدايتها وإنما من نهايتها العاصفة، حيث نراه مستقيلا، على وشك مغادرة البيت الابيض مع اسرته، مستقلا طائرة عمودية، ليس فى وداعه احد، سوى نفر قليل من افراد مكتبه ووزير الخارجية “هنرى كيسنجر” الذى لعب دورا رئيسيا فى اقناعه بضرورة الاستقاله تجنبا للاتهام، فالاقالة فالمحاكمة له جنائيا.
ومن خلال لقطات تعود بنا الى ماضيه البعيد، وقت ان كان صبيا فقيرا فشابا شاهدا على وفاة شقيقين له، بعد معاناة ومن مرض السل، فرجلا طموحا متخرجا فى كلية الحقوق سرعان ما يصعد فى الحزب الجمهورى ليصبح عضوا فى مجلس النواب، فعضوا فى مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، فنائبا لرئيس الجمهورية، فرئيسا حتى سقوطه المدوى من القمة الى اسفل سافلين
والفيلم يرجع سقوطه على هذا النحو الى اصوله المتواضعه، فرغم صعوده وحصوله على كل ما كان يتمناه ظل مسكونا بكراهية الأغنياء، وخاصة جون كينيدى وآله واستمر سلوكه مشوبا بالسوقية، واستباحة الخروج على القانون، الامر الذى كان لا منافس معه من نهاية فاجعة لسيرته وبئس المصير!!