براءة وحب وحرب

كان الاسبوع الماضي الذي خلاله انتهي شهر وبدأ آخر، اسبوعا زاخرا بأكثر من حدث سينمائي يستلزم الوقوف عنده ولو قليلا. ففي آخره وبالتحديد يوم الاول من يونيو بلغت من الكبر عتيا نجمة قل أن يجود بمثلها الزمان. فقبل ثمانين سنة بالتمام وفي مثل ذلك اليوم جاءت مارلين مونرو الي دنيانا تحت اسم »نورما جين« ولو لم يجئها الموت فجأة قبل أربع وأربعين سنة (5/8/1962) سواء بالانتحار أو بوسيلة أخري لاحتفلت أمس بعيد ميلادها الثمانين، ولربما بأحد بيوت المسنين!!
marilyn monroe ورغم أن رصيدها من الافلام التي اسند لها دور البطولة فيها اقل من القليل الا ان من بينها عددا من الروائع السينمائية ستحفظه ذاكرة الايام، ولعل أكثرها ذيوعا وتأثيرا »البعض يحبونها ساخنة« ذلك الفيلم الذي اعتبره نفر من النقاد، وأكثر من استطلاع للرأي العام اجمل ملهاة سينمائية انتجها مصنتع الاحلام.
والمدهش ان مارلين رغم عاديات الزمان لم يمسها النسيان.. لماذا؟ لأنها أولا غابت عن دنيانا، وهي لا تزال في ريعان الشباب والجمال، والأهم لأنها ورغم كل ما مر بها من اهوال ظلت محتفظة ببراءة الطفولة في عينيها وبحب الكامىرا لها، ذلك الحب الذي نراه ملموسا في صورها الثاقبة والمتحركة علي حد سواء.
وأثناء الاسبوع وبالتحديد يوم الاحد انتهت فعاليات مهرجان كان وكالمعتاد اذيعت اسماء الفائزين والفائزات بجوائزه اثناء حفل الختام وكان للسينما الانجليزية نصيب الاسد من جوائزه اذ فاز بالسعفة الذهبية »الريح التي تهز الشعير« لصاحبه »كن لوش« المخرج الانجليزي ذائع الصيت، وفازت بجائزة التحكيم المخرجة الانجليزية »اندريا ارنولد« عن فيلمها الروائي الاول »الطريق الاحمر«، وعن جائزة افضل ممثلة أقف قليلا لأقول انها كانت من نصيب طاقم التمثيل السينمائي في فيلم »العودة« لصاحبه المخرج الاسباني »بيدرو المودوفار« وتقديرا له من »بينيلوب كروز« إحدي الفائزات وجهت كلامها عند استلامها الجائزة اليه قائلة: »إن عطاءك من الحب كان من السخاء حتي ان اثره لم يقتصر علي عملنا، بل تجاوزه الي حياتنا« وفي اعتقادي ان نجاح افلام »المودوفار« عالميا انه يرجع الي هذا السخاء في العطاء، وهو ما أراه لسوء الحظ مفتقدا في صانعي الافلام عندنا، ولا يفوتني أن أشير هنا الي رقابتنا الرشيدة الحريصة علي حمايتنا من انفسنا ومن فرط حرصها دأبت علي الحيلولة بين افلام »المودوفار« وبين العرض العام في ديار مصر.
وأخيرا أقف عند حدث العرض المباغت لفيلم »رأس جرة« لصاحبه »سام مندز« مخرج »الجمال الأمريكي« الفيلم الفائز هو وصاحبه »مندز« بجائزة اوسكار قبل ستة أعوام.
sam-mendes-skyfall وبداية فمما يعرف عن »مندز« انه قبل ان يتحول الي صانع اطياف بفضل فيلمه الأول »الجمال الأمريكي« كان مخرج مسرح مرموقا في انجلترا وفيلمه الثالث »رأسة جرة« (»جارهد« بالانجليزية وهي كلمة عامية تعني جندي مشاة البحرية ـ مارينز ـ الحليق الرأس تماما) فيلم يدور حول أمرين أحدهما تأهيل المرشحين للخدمة في سلاح مشاة البحرية الأمريكية حتي يرتفعوا الي مستوي الخدمة في ذلك السلاح أي يكونوا في نهاية التدريب العنيف قتلة أقرب الي الوحوش الضاربة منهم الي بني الإنسان.
والآخر المواجهة بينهم وبين العدو في ساحة الوغي اثناء حرب الخليج التي فجرها غزو صدام حسين لدولة الكويت والفيلم مستمد من كتاب لـ»انطوني سوفور« أحد مشاة البحرية ضمنه ذكرياته اثناء الاعداد لتلك الحرب واثناء اشتعال نيرانها، ويتقمص شخصيته في الفيلم »جيك جيلينهال« نجم »جبل بروكباك« ذلك الفيلم الفائز بجائزة الاسد الذهبي في مهرجان فينيسيا الأخير، ويشاركه في البطولة »جيمي فوكس« الفائز باوسكار افضل ممثل رئيسي عن ادائه الرائع في فيلم »راي« (2005)، وأغرب ما عجبت له وانا اشاهد الفيلم في قاعة خاوية انه عكس الافلام الحربية انتهي دون أن تطلق رصاصة واحدة ضد حشود العدو ودون أن يلقي حتفه جندي واحد من مشاة البحرية.
وكم كان مخزيا أن يذكرنا الفيلم بعد اعلان استسلام صدام بواقعة مريرة وهي ان الحرب التي قضي مشاة البحرية في انظارها اياما طوالا انتهت ولما يمض علي بدئها سوي أربعة أيام وأربع ساعات ودقيقة واحدة من عمر الزمان!!