علي مدار أكثر من ألفى عام، لم تحظ امرأة بمثل الشهرة التى حظيت بها الملكة كليوباترا السابعة، التى حكمت مصر، زهاء واحد وعشرين عاما، وذلك قبل واحد وعشرين قرنا، من عمر الزمان.
ولما يكن لها من العمر سوى تسعة وثلاثين عاما، اثرت مغادرة الحياة، اثر كارثة هزيمة، اسطولها، هى وعشيقها القائد الرومانى الأشهر “مارك انطونيو”، فى معركة “اكتيوم” (الثانى من سبتمبر لعام واحد وثلاثين، قبل الميلاد)، حتى تنجو بنفسها كما نجا “انطونيو” قبلها بالانتحار من عار الوقوع فى الأسر، وما يصاحبه عادة من ذل وهوان.
ولم تكن كارثة معركة “اكتيوم” اولى الكوارث التى هددت عرش “كليوباترا”، بل وحياتها سبقها، كما يقول التاريخ، كارثة مصرع “يوليوس قيصر”، أثناء اقامتها فى “روما” تحت مظلة رعايته وحمايته، لتجد نفسها فجأة، مهددة فى حياتها تبحث دون جدوى عن ملاذ آمن، مما كان سببا فى اتخاذها قرارا بالاسرع فى مغادرة روما، والعودة الى عاصمة ملكها “الاسكندرية”، طلبا للنجاة.
ولن أعرض لحياة “كليوباترا” العاصفة، بما انطوت عليه، رغم قصرها، من أحداث جسام تنوء تحت حملها الجبال، فذلك شيء يطول، مكتفيا بان أقول بان التاريخ وقف طويلا عند ملكة لم تكن كغيرها من الملكات.
فوالامبراطورية الرومانية تتوسع، وتمتد أراضيها شرقا وغربا حاولت بكل الوسائل مستغلة ذكاءها وجمالها ان تحفظ لمصر استقلالها بالا تنحدر الى مستوى ولاية، تابعة لامرة روما، مجرد سلة غلال وفضلا عن ذلك، كانت بحياتها الثرية، المليئة بالطموحات والنواجع، مصدر الهام للأدباء، على مر العصور.
فعلى سبيل المثال استلهم “شكسبير” من سيرتها مسرحيته الشعرية “انطونيو وكليوباترا”.
واستلهم “چورج برناردشو”، أحداث مسرحيته الساخرة “قيصر وكليوباترا”
وكذلك كان الحال مع الشاعر “أحمد شوقي” الذى كتب مسرحيته الشعرية “مصرع كليوباترا”.
وعندما تحركت الصورة، مؤذنة بميلاد فن جديد، فن السينما، سرعان ما اصبحت كليوباترة بسيرتها المفعمة، بأحداث لا تخطر على بال، مصدر الهام للسينمائيين.
فأثناء العقود الثلاثة الأولى من تاريخ السينما، وقت ان كانت صامتة، عاجزة عن الكلام، قفز عدد الأفلام الدائر موضوعها حول “كليوباترا” الى عشرين فيلما أكثرها مستوعى من “انطونيو وكيلوباترا” مسرحية شكسبير وما ان تكلمت السينما، حتى اسرعت استديوهات هويوود الكبرى الى استلهام أفلام من سيرة “كيلوباترا”.
فانتجت فيلم “كليوباترا”، لصاحبه “سيسيل . ب- ديميل” المخرج ذائع الصيت فى ذلك الزمان (1934).
وبعد ذلك بتسعة وعشرين عاما عادت فانتجت فيلما ثانيا من نوع الانتاج الضخم “كليوباترا” لصاحبه المخرج “جوزيت مانكؤيتش” الفائز بجائزة اوسكار عن اخراجه فيلم “كل شيء عن حواء” (1950).
ورغم توفير كل سبل النجاح للفيلم، باعتماد ميزانية ضخمة للفيلم ارتفعت الى أربعة واربعين مليون دولار وذلك يعادل مبلغ ثلاثمائة مليون دولار حاليا وثانيا باسناد الأدوار الثلاثة الرئيسية -“كليوباترا” و”انطونيو” و”يوليوس قيصر” لثلاثة من مشاهير النجوم “اليزابيث تايلور”، “ريتشارد بيرتون” و”ركس هاريسون”.
وأخيرا باستغلال قصة الحب بين “تايلور” و”بيرتون” خارج الفيلم، أثناء تصويره.
رغم كل ذلك، وغيره كثير، حدثت كارثة، لم تكن فى الحسبان، سقط الفيلم سقوطا مدويا فى الشباك على نحو كاد يؤدى الى اعلان شركة فوكس افلاسها.
ولم ينقذها من بئس المصير هذا، سوى نجاح فيلمين لها “أطول يوم فى التاريخ” و”صوت الموسيقي”!!
التصنيف: اخبار النجوم
أطول خطوة في تاريخ الإنسان
لم يكن “نيل ارمسترونج” كغيره من رواد الفضاء الذين شاركوه ركوب مخاطر. اكتشاف مجاهل الكون العجيب.
كان مختلفا، مولعا بالطيران، منذ أن كان صغيرا، قبل السيارة، تحلم قيادة الطائرة متفانيا في عمله قائدا لها غير آبه بالشهرة وبان تسلط على انجازاته الأضواء وفوق كل هذا. انفرد بانه أول انسان، يبدأ الخطو من سطح كوكبنا الأرض، لتنتهى به خطوته، واقفا على سطح كوكب آخر، هو القمر.
وكان بخطوته تلك التى حدثت وقائعها فى مثل هذه الأيام قبل أربعة وأربعين عاما، وتحديدا يوم العشرين من يوليو.
أقول انه كان بفضل ذلك أول انسان يحالفه النجاح فى ملحمة غزو الفضاء، بالوقوف على سطح جرم سماوى آخر، انطلاقا من كوكبنا الأرض، محققا بذلك حلما طالما راود طلائع بنى الإنسان، لاسيما بعد الثورة الصناعية، التى صاحبتها نهضة علمية، قلبت جميع الموازين.
وكان من آثارها فى عالم الأدب، مولد نوع جيد، اصطلح على تسميته بأدب الخيال العلمي.
وهكذا، بدءا من الربع الأخير من القرن التاسع عشر، أخذ ذلك النوع من الحكى فى الازدهار، حتى أصبح شجرة وارفة، أثناء القرن العشرين.
ومن أبرز الروايات الأولى التى تنتسب إلى أدب الخيال العلمي، روايتان، كلتاهما تدور أحداثهما حول رحلة إلى القمر أولاهما من الأرض إلى القمر للأديب الفرنسى “چول ڤيرن”.
أما الأخرى واسمها “أول رجال على سطح القمر” فصاحبها “هـ ج. ويلز” الأديب الانجليزي، ذائع الصيت.
ومن كلتا الروايتين، استوحى “چورچ ميلييس” رائد السينما الروائية الفرنسية، أحداث فيلمه القصير “رحلة إلى القمر” (1902)، والذى يعتبر بحق أول عمل من ذلك النوع الذى يعرف تحت مسمى “سينما الخيال العلمي”.
ولعلى لست مغاليا، اذا ما جنحت إلى القول بان فيلم “اوديسة الفضاء- 2001” لصاحبه المخرج الامريكى “ستانلى كوبريك” يعتبر واحدا من أكثر أفلام ذلك النوع من السينما جدية، وتعبيرا عن روح غزو الفضاء فهو والحق يقال، ملحمة بمعنى الكلمة استغرق انتاجه واخراجه خمسة أعوام.
ففكرة ترجمة القصة المأخوذ عنها الفيلم واسمها “الحارس” لصاحبها “ارثر كلارك” أخذت تختمر فى رأس “كوبريك” أثناء 1963، أى بعد مضى عامين على اعلان الرئيس الامريكى الأسبق “چون كينيدي” خطته الرامية إلى اطلاق سفينة فضاء يخطو منها رجل إلى سطح القمر، وذلك قريبا من نهاية عقد الستينات.
وقد توجت خطته هذه بالنجاح، بوصول مركبة الفضاء “أبوللو” إلى القمر، ونزول “ارمسترونج” منها إلى سطحه، حيث مشى بضع خطوات، مع زميله فى المركبة، رائد الفضاء “ادوين الدرين”.
وبعد ذلك عادت المركبة بهما، ومعهما رائد ثالث “مايكيل كولنز”، إلى الأرض، سالمين جميعا، حيث استقبلوا استقبال الأبطال.
وأعود الى فيلم “اوديسة الفضاء- 2001) لأقول إن عرضه فى دور السينما، كان سابقا على رحلة “أبوللو” إلى القمر بنحو عام.
وفيه وعلى امتداد ثلاث ساعات عرض “كوبريك” لتاريخ الحضارة، بدءا من أزمنة غابرة، موغلة فى القدم حيث نرى الإنسان البدائي، وقد تعلم كيف يقتل أخاه الإنسان من أجل البقاء.
ومما هو جدير بالذكر هنا ان أقول إن نصف الساعة الأولى من الفيلم، تنساب دون كلمة واحدة تقال.
وما أن ينتهى صاحب الفيلم من عرض الحياة فى تلك الأزمنة الغابرة، حتى ينتهى بنا إلى مشهد، نرى فيه سفينة تتهادى فى الفضاء، على نغم “الدانوب الأزرق” للموسيقار “جوهان ستراوس” متجهة بروادها إلى كوكب المشتري، أكبر كواكب المجموعة الشمسية.
وعكس رحلة “أبوللو” إلى القمر، كانت رحلة سفينة الفضاء إلى المشترى محفوفة بالمخاطر لاتبعث على الاطمئنان إلى مستقبل بنى الإنسان خارج كوكب الأرض، على امتداد العالم الفسيح!!
الأعصار المميت
بدأ ذلك الإعصار، قبل ثمانين عاماً، وتحديداً يوم الاثنين الموافق الثلاثين من يناير، لسنة 1933، عندما اجتمع رئيس جمهورية المانيا، الماريشال “فون هند نبرج” بالرجل صاحب الشنب المماثل لشنب “شارلي شابلن”، واعنى به “ادولف هتلر”، زعيم الحزب النازي.
وكما يقول التاريخ، كلف الماريشال، الذى كان عجوزا، مخرفا، “هتلر”، بتشكيل الوزارة، مع رئاستها.
وبدءا من ذلك التكليف، المستند قانونا الى فوز الحزب النازى فى صناديق الانتخاب، بمقاعد فى مجلس الرايشستاج (البرلمان): اكثر من أى حزب آخر.
اقول بدءا منه، ولد الرايخ الثالث، الذى تنبأ له مزهوا، انه سيبقى خالدا ألف عام. غير ان الأقدار شاءت غير ذلك، فلم تبقه، أى الرايخ الثالث على قيد الحياة، سوى بضع سنوات، من عمر الزمان.
فبعد الساعة العاشرة بقليل، من مساء يوم الأول من مايو لسنة 1945، وبينما جثتا “هتلر” و”جويلز”، تحترقان فى حديقة المستشارية، بالعاصمة برلين، بعد انتحارهما.
اذا براديو “هامبورج” يقطع اذاعة السيمفونية السابعة للموسيقار “بروكنر”، ليذيع خبر موت “هتلر”، وهو يقاتل حتى آخر نفس، ضد البلاشفة، مخفيا بذلك خبر موت منتحرا، هو وعشيقته، قبل سبعة أيام.
وليتكلم، بعد ذلك “خليفة هتلر”، الادميرال دونيتز، إلى الشعب الألمانى، معلنا استسلام المانيا، دون قيد أو شرط، للحلفاء.
وهكذا، أصبح الرايخ الثالث فى ذمة التاريخ، ليس بعد الف عام، وانما بعد بضعة اعوام من الزمن، لم تز عن اثنى عشر عاما، وكسور من عام، لم تزد عن أربعة شهور.
وقبل ان يصبح كذلك، خلف وراءه المانيا، وقد صارت ارضا خرابا، واوروبا، وقد فقدت فى مذبحة الحرب العالمية الثانية، خمسين مليونا من زهرة شبابها، وعالما على شفا هاوية مجاعات، أودت بارواح ملايين أخري.
وتلك الأهوال، ترجم بعضها الى لغة السينما، فى افلام وعند أكثرها تأثيرا، وبقاء فى الذاكرة، استرجع، من حين لآخر، على شاشتها ، بعض تلك الأفلام، وابرزها فيلم “كبارية” (1973)، لصاحب المخرج “بوب فوس”، بطولة “ليزا مينيللي”.
ففى وسعنا، بفضل ذلك الفيلم، ان نرى الشباب الألماني، قبل صعود هتلر إلى منصب رئيس الوزراء، وكيف أصبح اداة عمياء، يأتمر، بما يقوله القادة النازيون.
يسير فى شوارع برلين، ومدن أخري، فى تشكيلات شبه عسكرية، تنشر الأرهاب، ضد الخصوم، تحطم محلات من وصفوا بان دمهم أقل نقاء من دم الجنس الآري.
كل ذلك، وجموع الشباب المغيب، تهتف بحياة الزعيم “هتلر”، وتنشد “المانيا فوق الجميع”.
اما عن الفترة التالية لاستيلاء هتلر وحزبه، على مقاليد السلطة، فمن بين أهم الأفلام، التى عرضت لتلك الفترة حالكة السواد من تاريخ المانيا، اخص بالذكر “كابو” (1960) لصاحبه المخرج الإيطالى “جيللو بونتكورفو” مبدع فيلم “معركة الجزائر” ولايفوتنى هنا أن أذكر كذلك “الحكم فى نورنمبرج” (1961) لصاحبه المخرج الامريكى “ستانلى كرامر”.
فكلا الفيلمين يعرض للحياة فى جحيم معسكرات الاعتقال التى جرى افتتاحها بعد بضعة اسابيع من رئاسة “هتلر” للوزارة، ولم تغلق ابوابها الا بعد استسلام المانيا الهتلرية ولكن بعد موت ملايين الضحايا، فى محارقها التى اصبحت فى جبين الإنسانية، وصمة عار.