البحث عن طوق الحمامة المفقود وأشياء أخري

هناك أفلام تمر صورها أمام أعيننا مر الكرام ودون أن تترك في حافظة ذاكرتنا أثر، وهناك أفلام ما أن ترأها حتى تبقي صورها في حافظة ذاكرتنا لا تنمحي أبدا، ومعظم الأفلام، لحسن حظنا، من النوع الأول، ما أن ننتهي من مشاهدتها على الشاشة صغيرة كانت أم كبيرة، حتى ننساها، وأبدا لا نستطيع استرجاع صورها على شاشة الذاكرة وقتما نريد.

أما أفلام النوع الثاني، وهي أقل القليل، فترسب في الأعماق، إنها دائماً هناك، ونستطيع استرجاعها بكل تفاصيلها ودقائقها ساعة نشاء.

وفي اعتقادي أن فيلمي “طوق الحمامة المفقود” و”شاشات الرمال” من هذا النوع الأخير النادر، الذي ما أن تلتقط صوره عدسة العين، حتى تتذكرة على الدوام.

ولسوء الحظ، فكلا الفيلمين من الممنوعات، بل أنهما في رأي نفر متعصب، معاد للفن، أكثر خطورة من أشد اصناف المخدرات هولاً.

قصة المدينتين

وأعجب العجب بالنسبة لهما، هو تضامن مهرجاني دمشق والقاهرة في اتخاذ موقف واحد منهما، ألا وهو موقف العداء الذي انحدر إلى حد التجريم فالتحريم.

وحتي الآن لا اعرف لهذا الموقف الغريب سبباً، اللهم إلا إذا سايرنا الشائعات التي عمل على نشرها نفر يتاجر بالقضايا المصيرية، ولا يحمل لحرية التعبير سوى المقت الشديد، وهي شائعات تقول فيما تقول أن الفيلمين قامت بتمويلهما مصارف غربية يتحكم في شئونها اليهود، فضلاً عن أن أحدهما، وهو “شاشات الرمال” يحقر من شأن المرأة العربية على وجه مشين.

ولقد كان لهذه الشائعات تأثيراً كبيراً على مهرجاني العاصمتين فإذا بدمشق تجد نفسها محرومة من مشاهدة “شاشات الرمال” وجميع الأفلام التونسية بما في ذلك رائعة “فريد بوغدير” “عصفور على السطح” أو “الحلفويين” و”شيشخان” بطولة الممثل المصري “جميل راتب” الذي أدى دوره باتزان واتقان غير مألوفين، يعود الفضل فيهما إلى صاحبي الفيلم “محمود بن محمود” و”فاضل جعايبي” وأولهما سبق له وأن امتعنا قبل خمس سنوات بفيلمه الأول “عبور”.

وإذا بالقاهرة بدلاً من افتتاح مهرجانها الكبير برائعة عربية مثل “طوق الحمامة المفقود” لصاحبها “ناصر خمير”، تفتتحه بفيلم رديء فنياً وسياسياً أسموه “ناجي العلي”، ولا تكتفي بهذه الكارثة، بل تعمل جاهدة على أن يكون الختام بفيلم عربي أكثر رداءة اسمه “طبول النار”.

وفي هذه الاثناء، إذا برائعة “ناصر خمير” تختفي من جميع دور العرض بسحر ساحر، نبحث عنها مهتدين بارشادات برنامج المهرجان، فلا نعثر عليها وكأنها فص ملح وذاب.

سور الصين

وبالمصادفة، وبعد انتهاء المهرجان بيومين أو ثلاثة، وجدتني أشاهدها في عرض شبه سري للنقاد، لم يعلن عنه لا لشيء سوى أن “طوق الحمامة المفقود” كما سبق أن قلت، إنما يعتبر في نظر نفر من الناس أكثر خطراً من أكثر أصناف المخدرات نكراً !!

أما “شاشات الرمال” رائعة المخرجة اللبنانية “رنده الشهال”، فحدث ولا حرج عن منعها باعتبارها من المحرمات.

فهي أصلاً لم يسمح لها باجتياز عتبات ديار مصر، وبالتالي ففرصة مشاهدتها والاستمتاع بها لم تتح لي إلا بفضل شريط فيديو، ذلك الاختراع اللعين الذي فتح في الأسوار نوافذ نطل منه على بساتين الفن السابع رغم أنف سيف الرقباء.

المجد التليد

وعلى كل، وأيا كانت الأسباب التي تذرعوا بها لحمايتنا من مشاهدة الرائعتين، باعتبارنا لانزال مراهقين، فالأكيد أن “طوق الحمامة المفقود”، فضلاً عن أنه وحيد نوعه بين الأفلام العربية، فهو عمل سينمائي ساحر، مستوحي من رسالة عن الحب “طوق الحمامة”، كتبها العالم الأندلسي “ابن حزم” الذي فرغ لعلوم اللغة والدين في عصر عصيب شهد انتقال السلطان من بني أمية إلى حُجَّابهم، ثم انهيار الأمر حول هؤلاء الحجاب، وقيام ملوك الطوائف، وتدّخل البربر في شئون العرب الأسبانيين.

والظاهر أن الحب كان يشغل الناس جميعاً في الأندلس لعهد هذا العالم الكبير، ولعله كان يشغل المثقفين والممتازين أكثر مما كان يشغل غيرهم من الناس.

والبادي من سياق الفيلم أنه الشغل الشاغل للخطاط “حسن” بطل “طوق الحمامة المفقود”.

فبدءًا من اللقطات الأولى، وهو أبدا يردد عبارة “ابن حزم” الشهيرة التي تغوص في ماهية الحب، عندما تصفه قائلة في سخرية لاذعة “الحب أعزك الله أوله هزل، وآخره جد”.

وهو أبدا يبحث عن مفردات كلمة حب، وعددها ستون، استطاع أن يجمع منها ثلاثاً وثلاثين.

وفي سعيه هذا، دائماً ما يلتقي “بزين” مرسال الغرام في قرطبة ذات الجلال، والصبي الذي لا يُعْرف له أب، فإذا ما استفسر ملتاعاً عنه من أمه، قالت له ضاحكة، وهي في حمام النساء، إنه جني أصيل.

ألف ليلة وليلة

ومن خلال مغامرات الاثنين “حسن وزين” التي جرى حكيها بأسلوب حكي قصص ألف ليلة وليلة، نجح المخرج في تسليط الأضواء على ابداعات الحضارة الأندلسية.. فن كتابة الخط العربي، المكتبات بمخطوطاتها النادرة، الساحات والباحات ملتقى المثقفين، الجوامع بمآذنها وأعمدتها عنواناً على علو شأن المعمار، ولا أقول الفنون جميعاً.

باختصار شديد “طوق الحمامة المفقود” حدث جليل في تاريخ السينما العربية.

وهو فيلم لا يحكي لا لسبب سوى أنه أقرب إلى موسيقى الشعر منه إلى أي شيء آخر.

وكذلك حال “شاشات الرمال” فهو فيلم تصعب حكاية وقائعه، ولو حكيت فهي لا تحكى إلا في كلمات معدودات.

ولقد جرى عرضه في مهرجان فينيسيا الأخير، ومن بعد في أكثر من مهرجان.

نساء لبنان

هذا، ولم يسبق لصاحبته أن أخرجت أفلاماً روائية، فجميع أعمالها السينمائية قبل “شاشات الرمال” من ذلك النوع المسمى بالتسجيلي في قول، وبالوثائقي في قول آخر، أذكر من بينها “خطوة..خطوة” (1979)، “لبنان أيام زمان” (1980)، “لبنان إرادة الحياة” (1981)، و”الشيخ إمام” (1984).

وبفضل رائعتها الروائية الأولى، استطاعت أن تلحق بزميلتيها المخرجتين اللبنانيتين “هيني سرور” و”جوسلين صعب”. فالمخرجات الثلاث بدأن المشوار معاً إبان عقد السبعينات، بأفلام تسجيلية بعضها طويل، والبعض الآخر قصير.

والآن لكل واحدة منهن فيلم روائي واحد لا يزيد.

ورائعة “شهال” بأسلوبها الذي قد يراه جمهور السينما التقليدية مفرطاً في التجريد، إنما تذكرنا بأسلوب الأديبة الفرنسية “مارجريت دورا” في الكتابة والإخراج.

ولا غرابة في أن تتأثر “شهال” بأسلوب” دورا فهي متخرجة في معهد “لوميير” للسينما (1985).

الاتصال والانفصال

وهي في رائعتها، أنما تعرض لمأساة المرأة العربية على امتداد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

تلك المأساة التي تخلص في فرض الانفصال عليها عن المجتمع العامل، وبالذات مجتمع الرجال.

وهو انفصال شامل لجميع أجزاء هذا الوطن دون أي استثناء، موجود في كل مكان سواء أكان متقدما أم متخلفاً.

مفروض على المرأة في أقاصي الصعيد، في متاهات الصحروات، في أعالي لبنان، في وديان المغرب والسودان.

إذا نحن بازاء ظاهرة انفصال بين الجنسين جامعة لكل العرب ولسوء الحظ، تزداد على مر الأيام سوءًا.

ومن هنا ايثار “شهال” لوقائع رائعتها ألا تجري في بلد عربي محدد بالذات.

فكل النساء عندها في الهم عرب، لا فرق في ذلك بين مشرق ومغرب.

وهي تبدأ رائعتها بدءًا قريباً كل القرب، غريباً كل الغرابة، فتفرض علينا أن نصحبها في الطريق التي تريد أن تمضي فيها.

فهذه امرأة جميلة “سارة” (ماريا شنايدر بطلة التانجو الأخير في باريس أمام مارلون براندو) لم تتقدم بها السن، ولكنها قد جاوزت الشباب قليلاً إنها داخل سيارة فارهة “رولز رويس” يقودها سائق يتبين لنا تلميحاً فيما بعد أنه لا يميل إلى جنس النساء ولسبب لا نعرفه تصل بها السيارة إلى المطار، حيث لا يسمح لها بمغادرة البلاد.

فإذا ما عادت إلى حيث تقيم رأيناها في قصر منيف، به حمام سباحة كبير، مغطي بستائر تحجب الرؤية عن أعين المتطفلين، ودوائر تليفزيونية مغلقة، لا تترك شاشاتها صغيرة أو كبيرة، إلا سجلتها حماية لشرف نساء البيت الكبير.

وسارة في وحدتها، ورغم الثراء الفاضح، امرأة تعيش حياة طفيلية ملؤها الملل والضياع.

وليس عندها وسيلة للاتصال بالعالم الخارجي، سوى تليفون مثبت به شاشة تكشف عن شخصية المتلقي للمكالمة، لا تستعمله إلا لقتل الفراغ.

وفي محاولة منها للانعتاق من أسر تلك الوحدة القاتلة، ها هي ذي تلتقي بأمراة أخرى “مريم” أجبرتها ظروف الحرب الأهلية المستعرة الأوار، إلى مغادرة لبنان للعيش في هذا المكان الموحش حيث أسندت اليها مهمة إعداد مكتبة جامعية للنساء.

ولأمر ما، تظل هذه المكتبة خاوية على عروشها، بلا كتب، و”مريم” تلح في الطلب، ولا مستجيب.

وبعد حين تثوب هي إلى نفسها، حائرة أول الأمر، ثم ساخطة، ثم منكرة لهذا التصرف المريب.

ولا تزال تسأل، وتبحث وتستقصي، مستنجدة بأستاذ لبناني في جامعة النساء اسمه “طلال” تهرع إلى الالتقاء به في أحد المصاعد، حيث يمارسان الجنس في لهفة، تحت أعين كاميرات تعرض ما تلتقطه على شاشات يشاهدها رجال ساهرون على حماية حسن الآداب.

وسرعان ما نرى “طلال” وهو يلقى القبض عليه بواسطة جمهور من الناس غريب.

و”مريم” وهي هاربة بعدئذ استقر في نفسها أنها متهمة بدورها، وإن لم تعرف طبيعة التهمة.

وفي الختام نراها واقفة بمفردها في صحراء شاشعة، معلقة بين اليأس والرجاء.

وكأني بصاحبة “شاشات الرمال” تريد أن تقول بهذه النهاية أن المرأة في مجتعاتنا تضيع حياتها في جهود مجدبة لا تغني عنها شيئا.

يبقى أن أقول أن “شاشات الرمال” تحفة سينمائية، لا يعيبها رغم بعض الغموض، إلا أنها متكلمة بالفرنسية، أي بغير لغتنا الجميلة، وهو عيب، لو تعلم “شهال” كبير.

قصة السينما المصرية

هي قصة حب بين المصريين، وبين ما هو في حقيقة الأمر لغة العصر، لغة فيها الشيء الكثير من روح الكتابة على جدران المعابد والتماثيل وأوراق البردي أيام الفراعين، فما أن تحركت الصور قريباً من منتصف العقد الأخير من القرن التاسع عشر على جانبي ما كان يُسمى قبل خمسائة عام ببحر الظلمات، وذلك بفضل الأمريكي “توماس الڨا أديسون” (1894)، والأخوين الفرنسيين “أوجوست ولويس لوميير” (1895) وكثرين غيرهم من المخترعين المجهولين، حتى آثار تحركها لدى المصريين الفضول والشوق والحنين.

ولم يكن غريباً – إذن – بعد أول عرض سينمائي على شاشة بيضاء كبيرة أمام جمهور مقابل تذاكر مدفوعة الثمن في باريس (28/12/1895)، أن يتوثب العقل بعزم وتصميم على أن يجري عرض مماثل على أرض مصر في وقت قريب وسرعان ما تحقق ذلك في العام التالي مباشرة لعرض باريس أولاً في الإسكندرية بإحدى قاعات طوسون باشا مقابل أربعة قروش للرجال (5/11/1896).

وفي القاهرة بعد ذلك بأيام (28/11) بقاعة حمام شنيدر حيث توالت خمس عشرة صورة من “موضوعات مسلية وناجحة إلى حد الكمال” كان من بينها “وصول القطار إلى محطة ليون”!!

ورغم هذا الولع الشديد بالفن الجديد الوليد، فإن استيراد المعدات اللازمة لابداع الأفلام، وبناء الاستديوهات، ودور العرض المجهزة بأحدث الآلآت، كل ذلك، وهو لازم لإقامة بنية سينمائية صناعية متكاملة، لم يكن بالأمر اليسير.

وها هنا فلنتمهل ولنتأمل قليلاً ما نستطيع أن نسترجعه على شاشة ذاكرتنا من أحداث وقعت في أثناء الفترة بين تاريخ أول عرض سينمائي في مصر وإعلان الحماية البريطانية إثر نشوب الحرب العالمية الأولى.

أهم حدث، ولاشك، هو استقرار الأمر للاحتلال الانجليزي لأرض مصر والسودان، وبدء حركة المطالبة بالاستقلال.

ومن آثار هذا الاحتلال تأخر إدخال صناعة السينما إلى ما بعد ثورة 1919 التي أرجعت إلى مصر بعضاً من استقلالها السليب.

وعلى كل، فخلال تلك الفترة القاتمة، جرى تصوير بعض الأحداث المصرية مثل جنازة مصطفى كامل (8 أغسطس 1909) وسفر المحمل الشريف (أكتوبر 1912) وتم بناء عدد من دور العرض القابلة لسرعة الاحتراق وأخذ شبح يتهدد الفن الوليد، شبح الرقابة تطل على السينما بوجهها القبيح.

وما أن اقتربت الحرب العالمية من إلقاء سلاحها، حتى كان قد ظهر أول ممثل سينمائي مصري “محمد كريم” في فيلم “شرف البدوي” (1918) حيث أدى دور عسكري، ومن بعده ظهر في فيلم ثان “الأزهار المميتة” الذي منعت الرقابة عرضه لأن سطور آيات القرآن الكريم بدت في بعض لقطاته مقلوبة، وكلا الفيلمين من إنتاج الشركة السينمائية الإيطالية التي توقفت بعد ذلك عن العمل تماماً، وبيعت معداتها ومعاملها إلى المصور الإيطالي “الفيري اورفنيللي”.

وللأخير فضل تصوير “مدام لوريتا” (1919) للمخرج الإيطالي “ليورنار لاريتشي”، وهو أول فيلم تسند بطلولته إلى ممثل مصري “فوزي الجزائرلي” ذلك الكوميدي الذي اشتهر، عندما تكلمت السينما، بأدائه لدور المعلم “بحبح” أمام ابنته “إحسان” وزوجته تحت اسم “أم أحمد” في الأفلام.

ومن الأعمال السينمائية التي جرى إنتاجها في أثناء الفترة التالية لانتهاء الحرب مباشرة، فيلمان أحدهما وثائقي سجّل جنازة الزعيم الوطني “محمد فريد” (يونية 1920) والآخر روائي قصير “الخالة الامريكانية” (1920) مأخوذ عن مسرحية “الخالة تشارلي”، ودور البطولة فيه، وهو دور رجل متخف في ثياب امرأة، أداه نجم المسرح الشهير “علي الكسار” الذي كان يعرف باسم “بربري مصر الوحيد”.

وتظهر تباشير التمصير، بعد أن مر من الأيام ثلاثة أعوام، فها هو ذا “محمد بيومي” بعد أن عاد من المانيا حيث درس فن السينما والتصوير، يقف وراء الكاميرا ليكون بذلك أول مصري ينتج ويصور أول جريدة سينمائية “آمون” تلك الجريدة التي كان لها فضل تسجيل عودة سعد باشا من المنفى (1923) وهو التسجيل الوحيد لذلك الحدث الكبير.

وأول مصري يخرج ويصور فيلماً روائياً قصيراً أسماه “الباشكاتب” (1924) مدته نصف ساعة، وتكّلف حوالي مائه جنيه وقصته تدور حول باشكاتب يقع في غرام راقصة، فيختلس مبلغاً من المال ينفقه عليها، وينتهي به الأمر مسجونا.

ومن هذا الفيلم الروائي القصير خرجت صناعة السينما المصرية، كما خرج المارد من القمقم في حكايات ألف ليلة وليلة.

فلم يمر سوى ثلاثة أعوام على باشكاتب “محمد بيومي” إلا وكان الأخوان “إبراهيم وبدر لاما” في الإسكندرية ينتجان فيما روائياً طويلاً أسمياه “قبلة في الصحراء”.

وكانت “عزيزة أمير” تنتج وتمثل في القاهرة فيلماً روائياً طويلاً اسمته “ليلى”.

 بلغ عدد الأفلام الروائية الطويلة المنتجة خلال نصف قرن من عمر الزمان،حوالي ألف وسبعمائة وخمسين فيلماً، وتحققت للسينما المصرية مكانة لم تتحقق لأية سينما أخرى في أي قطر من أقطار الوطن العربي أو في أي بلد من بلاد قارتنا أفريقيا.

والحق أن مراحل حياة السينما المصرية بدءا من عام 1927 وحتى يومنا هذا، هذه المراحل لم يكن منفصلاً بعضها عن بعض بفواصل حادة، ففي كل مرحلة يحدث أن تزدهر وتظهر عناصر كانت في حقيقة أمرها موجودة كما توجد الأجنة في الأرحام.

فبعد الرواد الأوائل الذين أخرجوا أفلاماً روائية طويلة، وأهمهم بلا جدال “محمد كريم” الذي أخرج أول فيلم مصري مأخوذ عن قصة للأديب المصري محمد حسين هيكل ألا وهي “زينب” (1930) وأول فيلم مصري متكلم “أولاد الذوات” (1932) الذي قام بأداء الدور الرئيسي فيه “يوسف وهبي” أمام “أمينة رزق” وأول فيلم للمطرب والموسيقار “محمد عبد الوهاب” “الوردة البيضاء” (1933).

وكان، علاوة على ما تقدم، أول عميد لمعهد السينما الذي أنشأته وزارة الثقافة في أعوام الستينات، وتخرج فيه معظم مبدعي الأفلام الذين تقوم على أكتافهم صناعة السينما الآن، أذكر من بينهم المخرجين “إيناس الدغيدي”، “إبراهيم الموجي”، “أشرف فهمي”، “بشير الديك”، “خيري بشارة”، “داود عبد السيد”، “رأفت الميهي”، “سمير سيف”، “شريف عرفة”، “عاطف الطيب”، “عطيات الأبنودي”، الأخوين”عمر ومحمد عبد العزيز”، “نادر جلال” و”هاشم النحاس”.

وغير هؤلاء كثيرون من كتاب السيناريو والمؤلفين والمصورين وسائر المتنخصصين في فروع السينما الأخرى.

وأعود إلى الرواد الأوائل لأقول إنه ظهر بعدهم في منتصف أعوام الثلاثينات وليد جديد “استديو مصر” الذي انشأته شركة مصر للتمثيل والسينما التابعة لبنك مصر “طلعت حرب”.

وإنشاء هذا الاستديو يعتبر مرحلة من أهم مراحل تطور صناعة السينما المصرية، فقد كان أول استديو مجهز تجهيزاً كاملاً، وأول استديو يتبع نظام العمل في شركات السينما الكبرى، وبخاصة هوليوود، باختصار كان بمثابة مدرسة جديدة في السينما، قفزت بالفيلم المصري خطوات واسعة إلى الأمام.

وليس محض مصادفة أن يجئ إنشاؤه في سنة 1936 أي سنه إلغاء الامتيازات الأجنبية التي كانت قد أعطت الغرباء حق التسلط على المصريين.

ومن أبرز أفلام استديو مصر “وداد” أول فيلم لكوكب الشرق أم كلثوم  و”لاشين”، الذي أسرعت الرقابة بمنعه و”سلامة في خير ” و”سي عمر” وكلاهما من إخراج نيازي مصطفى وتمثيل نجيب الريحاني و”العزيمة” للمخرج كمال سليم، وهو يعتبر أول فيلم مصري صور الحياة في حي شعبي، وجاء متضمناً نقداً لبعض العيوب التي يعاني منها المجتمع وبخاصة أزمة المتعطلين و”مصنع الزوجات” للمخرج “نيازي مصطفي” و”غرام وانتقام” آخر فيلم للمطربة “اسمهان”.

أما أبرز مخرجيه، فهم ولا شك، “كمال سليم” و”أحمد بدرخان” صاحب فيلمي أم كلثوم “نشيد الأمل” و”دنانير” وفيلم “مصطفى كامل” و”نيازي مصطفى” الذي مات قبل خمسة أعوام مقتولاً بعد أن كان قد أخرج حوالي مائة وخمسين فيلما!!

ومن تلاميذ مدرسة استديو مصر برز اسم مخرج واعد “صلاح أبو سيف” الذي أبدع أول أفلامه “دايماً في قلبي” (1946).

وتواصل السينما المصرية مسيرة التطور والصعود والارتقاء بفضل مخرجين آخرين من خارج الاستديو الكبير، أذكر من بينهم على سبيل المثال “أحمد جلال” و”توجو مزراحي”، “حسين فوزي”، “أنور وجدي” و”حسن الإمام”.

وبفضل ثورة يولية 1952 التي اتاحت الفرصة لكوكبة من المخرجين الجدد المجددين أن تبدع أفلاماً أخذت صوراً مختلفة عند “صلاح أبو سيف”، “توفيق صالح”، “كمال الشيخ”، “يوسف شاهين”، “هنري بركات”، “فطين عبد الوهاب”، “حسين كمال”، “شادي عبد السلام”، “محمد خان” وغيرهم ممن تخلصوا من الرؤية السينمائية القديمة إلى الأفكار والأشياء.

ومما يلفت النظر في أفلام هؤلاء المخرجين أنها في معظمها إما مأخوذة عن قصص لأدباء مصريين مثل شباب امرأة، بداية ونهاية، المتمردون، اللص والكلاب،البوسطجي، الأرض، الحرام يوميات نائب في الأرياف، ثرثرة فوق النيل، والسقا مات، أو قائمة على سيناريوهات مبتكرة لبعض هؤلاء الأدباء مثل درب المهابيل “ريا وسكينة” و”الوحش” وهي جميعاً من إبداع “نجيب محفوظ”.

غير أن ثمة عدداً قليلاً من بين هذه الأفلام يقوم على سيناريو مبتكر من إبداع المخرج دون شريك.

وخير مثل على ذلك ثلاثية يوسف شاهين حول سيرته الذاتية التي بدأت بـ”اسكندرية ليه” وانتهت بـ”اسكندرية كمان وكمان”.

وفيلم شادي “المومياء” أو “ليلة حساب السنين” (1969) الذي استحدث طريقة في السرد، جعلت صوره أقرب إلى رسومات جدران المعابد في عصور الفراعين.

العنصرية ضد السود في هوليوود

أشياء تبقى بالذاكرة، لا تنمحي منها أبداً، من بينها أنني في سني الصبا والشباب، ما رأيت فيلماً أمريكياً، وكان من بين ممثليه واحد من السود، إلا وكان الدور المسند إليه إما خاصاً بعبد يشترى ويباع في الأسواق، بحر المال أو خادم ذليل مهان، أو مغن بملهى في أحسن الأحوال.

ولعل خير مثل على تلك الظاهرة الغريبة العجيبة حكاية “هاتي ماكدنيال”..  فما هي؟

من المعروف عن هذه الممثلة السوداء البدينة أن اسمها لم يدخل في عداد عظماء النجوم المبشرين بالخلود في سجلات هوليوود، إلا لسبب واحد، هو خروجه من مضمار الصراع من أجل أوسكار فائزة بها مقابل أدائها لدور صغير في الفيلم الشهير “ذهب مع الريح” (1940).. فما هو؟

كان دور خادمة، أو بمعنى أصح، جارية مطيعة شديدة الوفاء لأسيادها البيض أصحاب الضياع والعبيد في الجنوب القديم أيام الحرب الأهلية الأمريكية التي قادها “ابراهام لينكولن” منتصرا فيها إلى العبيد.

وعلى كل فما كادت تنتهي الاحتفالات بالفيلم المستوحى من قصة الأديبة الأمريكية “مرجريت ميتشيل” وأول نجمة سوداء تفوز بالاوسكار، حتى جاءت سنوات الأربعينات مثقلات بما حملت من أحداث وتحولات، لعل أهمها الحرب العالمية الثانية بأهوالها الجسام.

فجر جديد

وكان من نتيجة ذلك أن حدث في مسار هوليوود تغيّر بدا كما لو كان تغيراً مفاجئاً، لكنه في حقيقة الأمر كان متوقع الحدوث، وإن يكن قد تأخر وقوعه عما كان منتظرا.

حدث أن عاد مصنع الأحلام في عاصمة السينما بعد امتناع دام سبعة أعوام، إلى انتاج أفلام موسيقية مثل “جو عاصف” و”كابينة في السماء” (1943)، كل ممثليها وممثلاتها سود البشرة، وكل الأدوار المسندة إليهم عادية من ذلك النوع الذي يمارسه الناس في حياتهم اليومية، متى كانوا أحرار.

وحدث أن بدأ الرجال السود في الظهور على الشاشات في أدوار محاربين بواسل، لا يبالون بشيء في سبيل بلادهم، وفي سبيل تحقيق النصر على طاعون النازية، أكثر أنواع العنصرية خطورة، وأشدها فتكاً.

وبعد أن ألقت تلك الحرب سلاحها بقليل، وبالتحديد عام 1949 جرى عرض ثلاثة أفلام في أوقات متقاربة هي “موطن الشجعان” و”وبينكي” و”الحدود المفقودة” وكان من بين ما يميزها أنها تناولت بصراحة غير معهودة مأساة الاضطهاد العنصري الذي مبعثه التفرقة بين الناس على أساس الألوان.

ومما يلاحظ على الفيلمين الأخرين أنهما عرضا للتمييز العنصري ضد السود من خلال معذبين، مضطهدين لأنهم بيض ناصعو البياض، ولكنهم منحدرون من أصول سوداء، شأنهم في ذلك شأن كنجزبلد بطل قصة “كنجزبلد رويال” لصاحبها الأديب الأمريكي المتوّج بجائزة نوبل “سنكلير لويس” ذلك البطل الأشقر، الأزرق العينين الذي ما أن يكتشف، وياليته ما اكتشف، أن أحد أجداده القدامى من السود، حتى يصبح منبوذاً، مشرداً، فاقداً للاحترام.

الحب المستحيل

ورغم الحرب، ورغم انتهائها باندحار النازية، رغم كل ذلك ظل أمراً ممتنعاً على أفلام هوليوود أن تظهر رجلا أسود يطارح امرأة بيضاء الغرام، أو أن تلمح إلى ذلك، ولو من بعيد.

وبقي الحال هكذا إلى أن حدث أمر لم يكن في الحسبان عندما طارح “هاري بلافونت” وهو أسود- جوان فونتين- وهي بيضاء، طارحها الغرام في فيلم “جزيرة في الشمس” (1959)، ومع ذلك كان لابد لهذا الغرام أن ينتهي بالفراق لا لسبب سوى أنه ليس من طبائع الأمور أن يكون للحب بين أسود وبيضاء ختام سعيد.

ولم تكد تمر أربعة أعوام على الغرام في جزيرة الشمس، حتى فاز “سيدني بواتيه” باوسكار أفضل ممثل رئيسي عن تقمصه في فيلم “زنابق المروج” لدور عامل جائل، يلتقي براهبات ألمانيات متفانيات في حب المسيح، يقمن ببناء مكان للعبادة والصلاة، فيساعدهن حتى يستكملن التشييد.

السينما لغة العصر

وكان بذلك أول ممثل أسود يفوز بتلك الجائزة على امتداد ستة وثلاثين عاماً من عمر اوسكار المديد!

ومع تصاعد حركة العصيان المدني ضد التفرقة العنصرية قام “ستانلي كرامر” باخراج فيلمه “خمّن من القادم إلى العشاء” (1967).

وفيه تفاجيء الابنة “كاترين هوتون” والديها سبنسر تراسي” و”كاترين هيبرن”، وهما من علية الطبقة المتوسطة البيضاء، تفاجئهما بأنها قد دعت إلى العشاء شاباً ملوناً “سيدني بواتييه” عقدت العزم على الزواج منه، حتى ولو كره الآباء.

وينتهي الفيلم بفوزها برضاء الوالدين، بعد أن تبين لهما أن الحبيب الملون عالم يشغل مركزاً مرموقاً في الأمم المتحدة وعلى خلق عظيم !!

وطبعاً، هذه الصورة الوردية للسود لم يكتب لها أن تدوم طويلاً.

فسرعان ما عملت استديوهات هوليوود على اظهارهم في أفلام لا يلعبون في معظمها إلا أدوار أشرار يعيثون في الأرض فسادا.

الموجة السابعة

ولم يكن لهذا الوضع الشاذ أن يستمر بأي حال من الأحوال، لاسيما بعد الانتصارات التي تحققت للسود في مجال الحقوق المدنية بفضل الزعيم “مارتن لوثر كنج” الذي مات مغتالاً.

وكيفما كان الأمر، فمع زحف الثمانينات بدأت كوكبة من الممثلين والمخرجين السود في الظهور، تألق من بينها “ايدي ميرفي” الذي أصبح نجماً يشار إليه بالبنان، مما اضطر شركة بارامونت ذات الجلال، إلى أن تحتكر موهبته في ستة أفلام مقابل أربعة وعشرين مليون دولار.

و”سبايك لي” المخرج الذي أدهش مهرجان كان قبل عامين بفيلمه “اعمل الصح” الذي عرض فيه بأسلوب سينمائي آخاذ فكرته القائمة على عدم امكان التعايش بين البيض والسود في أحد الأحياء الشعبية بنيويورك، تلك المدينة، أو بمعنى أصح، الغابة التي ناطحت السحاب بمخلوقاتها العجيبة المتصارعة التي تنهش بعضها، ولكن بغير أنياب وإلى تلك الفكرة الأثيرة عاد “لي” في آخر أفلامه “حمى الأدغال” (1991) الذي جرى عرضه في مهرجان كان الأخير، حيث كان قاب قوسين أو أدنى من السعفة الذهبية، الجائزة الكبرى لذلك المهرجان.

وما أن تمر أيام معدودة، إلا ويعود إلى فكرته تلك مرة أخرى، عندما يبدأ تصوير فيلمه المنتظر “مالكولم أكس” الذي يقال أنه قد اعتمد لانتاجه خمسة وثلاثين مليون دولار وأيضاً يقال أن بعض مشاهده سيجري تصويرها في القاهرة، إلا إذا حال دون ذلك تزمت الرقابة المقيت، وهو تزمت لابد وأن يضعه أي مبدع في الحسبان.

شعاع الابداع

المهم أن “لي” قد راح بأفلامه يفعل فعل السحر في قلوب حفنة من المخرجين الشبان السود، فإذا بهم يبدعون تسعة عشر فيلماً خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو عدد يعادل، إن لم يكن يزيد عمّا انتج من أفلام لجميع المخرجين السود في غضون عقد الثمانينات.

ولعل المخرجين “جون سنجلتون” و”ماتي رش” و”جوفاسكويز” و”ماريون فان بيبلز” الذي حقق فيلمه “مدينة نيوجاك” خلال أسابيع ايرادات بلغت أربعة وأربعين مليون دولار، و”جون سايلز” بفيلمه “مدينة الأمل” الذي أجمع النقاد على الاشادة به، مما قد ينهض سبباً لترشيحه لجائزة اوسكار، لعلهم أهم مخرجي تلك الموجة الجديدة.

ويعتبر”رش” و”سنجلتون” أصغر المخرجين الخمسة سناً. فالأول ليس له من العمر سوى تسعة عشر ربيعا. أما الثاني فلا يزال في الثالثة والعشرين.

فكر الفقر

وعند فيلم “طريق بروكلين” لصاحبه “رش” أقف قليلاً، لأن له قصة تخلص في أنه لم يكلف المخرج الشاب سوى سبعين ألف دولار.

ولضيق ذات اليد، لم يستطع أن يستكمل توليفه إلا بفضل “جونثان ديم” وهو مخرج أبيض مضطهد، وصاحب فيلم “جودي فوستر” الأخير “صمت الحملان” الذي يعتبر واحداً من أنجح أفلام الموسم فنياً وتجارياً.

ذلك أنه ما أن رأى فيلم “رش”- وهو في مرحلته الأخيرة السابقة مباشرة على التوليف- حتى تحمس له تحمساً شديداً.

وكان أن هيأ له منتجاً ساعد مخرجه الشاب على وضع اللمسات الأخيرة التي جعلت منه فيلماً رائعاً.

التزويق والتشويه

واضح إذن أن هوليوود، وصناعة الأفلام فيها تعاني الآن من فقر في الفكر، قد تنبهت إلى مواهب هؤلاء المخرجين، وحكاياتهم الغريبة التي ليس لها مثيل، تلك الحكايات التي لو تحولت إلى أفلام قليلة التكاليف، لعوضت أرباحها الخسائر الناجمة عن الأفلام الضخمة التي ينفق على انتاجها عشرات الملايين من عزيز الدولارات.

ولا غرابة في هذا الحماس، فالجمهور الامريكي المنحدر من أصول أفريقية، يشكل ثلاثة وعشرين في المائة من رواد السينما، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة عدد السود إلى العدد الاجمالي لسكان بلاد العم سام.

والأكيد.. الأكيد أن هذا الجمهور العريض يريد أن يرى العالم الذي يعيشه كما هو في الواقع بكل أفراحه وأتراحه، وليس كما هو في تصور البيض، عالماً إما مزوقاً كما هو الحال في “اللون الارجواني”، ذلك الفيلم الذي أخرجه “ستيفن سبيلبرج” صاحب الفك المفترس، وإما مشوهاً كما هو الحال في فيلم “الاشباح” الذي أدت فيه النجمة “ووبي جولدبرج” دور نصابة محضرة أرواح، وبفضله فازت باوسكار أفضل ممثلة مساعدة، بعد خمسين عاماً من فوز “ماكدونال” بها عن دور خادمة في “ذهب مع الريح”.

مدرسة المشاغبين

والغريب في الأمر أن نفراً من الشباب الأسود عندما رأى صورته على الشاشة كما تخيلها مخرجو تلك الموجة، وبخاصة فيلم “سنجلتون” المسمى “أولاد الغابة” لم يرقه ما رأى، فكان أن هاج غاضباً، مثيراً أنواعاً من الشغب، أدت إلى اصابة مئات المتفرجين، بل وإلى مقتل البعض.

مما كان سبباً في جنوح عدد من أصحاب دور السينما، إما إلى وقف عرض أفلام المخرجين السود، وإما إلى الامتناع عن عرضها أصلاً.

وفي رأي”سنجلتون” أن الشغب لم يحدث بسبب فيلمه، وإنما بسبب جيل كامل من فتية سود فقدوا احترام الذات، الأمر الذي سهل تبادل الطلقات حتى اسالة الدماء.

إنه جيل بلا أب يتخذه مثلاً يحتذى، جيل باحث عن الرجولة فلا يجدها إلا في السلاح، وتوهم أنه قد دخل بفضله في زمرة الأسياد الأحرار.

وغني عن البيان أنه ليس ثمة علاقة بين كل هذا وبين فيلمه، ومن ثم ما كان يجوز وقف عرضه لمجرد تبادل اللكمات والطلقات.

فمثل هذا التقاتل معتاد الحدوث في شوارع “لوس انجلوس” ويواصل دفاعه قائلاً: فيلمي لم يوقف عرضة إلا لسبب واحد، هو أن جميع ممثليه ومبدعيه من السود.

والوقف لمثل هذا السبب لا يعدوا أن يكون نوعاً من التفرقة العنصرية في ساحة الفن.

واذا كان الأمر كما يتهم صاحب “أولاد الغابة”، فهذا يعني أن شيئاً ما يُدَبّر في الخفاء ضد موجة المخرجين السود وأفلامهم الأكثر صدقاً في التعبير عن مشاكل الأقلية السوداء.