السينما بين تشاؤم عاصف وتفاؤل حذر

كانت، بوجه عام، سنة سعيدة، اتاحت لي، وهي على وشك الرحيل، ان اشاهد أربعة أفلم من روائع السينما العالمية، من بينها ثلاثة أفلام شاهدتها على الشاشة الصغيرة، دون أن اتحمل عناء الذهاب إلى حيث يعرض الفيلم على شاشة كبيرة، كما يراد له، كالمعتاد.

اما رابعها، فكان عرضه فى إحدى دور السينما، والسنة لم يبق بينها وبين الغياب نهائيا عن دنيانا، سوى بضع ساعات.

والأفلام الثلاثة هي

اولاً “الصيد”، لصاحب المخرج الدنمركى “توماس فينتربرج” ولقد سبق عرضه فى مهرجان كان (2012)، حيث فاز بطله “مادز ويكلسون” بجائزة أفضل ممثل وقبل، بضعة أيام، تأهل للمشاركة فى مسابقة الترشيح لجائزة أوسكار أفضل فيلم اجنبي، غير متكلم باللغة الانجليزية، ضمن القائمة القصيرة للترشيحات لتلك الجائزة، التى ضمت تسعة أفلام.
The Hunt

ومعروف أن تلك القائمة سيجرى اختصارها إلى خمسة أفلام، يوم السادس عشر من يناير الحالي.

ويحكى “الصيد” مأساة رجل فى الأربعين من عمره، يعمل فى دار للحضانة، بالريف الدنمركى ،حيث يجد نفسه، فجأة، متهما، من قبل طفلة، تزعم انه حاول الاعتداء عليها جنسيا!!

وبناء على اتهامه هذا، أصبح منبوذاً، حتى من أصدقائه الذين صدقوا الاتهام، دون محاولة معرفة حقيقية الأمر.

وهكذا، ومن خلال هوس جماعي، وجد المربى الفاضل نفسه ضحية فكرة خاطئة، استحوذت على عقول الناس فى قرية كانت إلى عهد قريب مكانا آمنا، فاذا به تمت تأثير، فرية، ولادليل عليها، يتحول الى مكان لايقيم الناس فيه وزناً للتفكير السليم..!!
the Past

هذا، عن الفيلم الاول “الصيد” فإذا ما انتقلنا الى الفيلم الثانى “الماضي” لصاحبه المخرج الإيرانى “اصغر فارهادي”، السابق لفيلمه “اانفصال” الفوز بجائزة أوسكار افضل فيلم اجنبى 2012، فيعرض لحياة امرأة فرنسية (بيريبتس بيجو) متزوجة من رجل ايراني، تطلب إليه المجيء إلى باريس لانهاء رباط الزوجية بينهما، حتى يكون فى وسعها الزواج. من حبيبها المقيم معها، ويؤدى دوره الممثل المنحدر من أصل تونسى “طاهر رحيم” يبقى الفيلم الثالث “الأزرق أكثر الألوان دفئاً”، أو “حياة اديل”، الحائز على السعفة الذهبية ، كبرى جوائز مهرجان كان (2013).

BLAU_posterRZ_02_Layout 1وقصته تدور حول فتاة مراهقة، تكتشف انوثتها شيئا فشيئاو حتى تصل إلى يقين أنها مثلية تمثيل الى جنسها من النساء، دون الرجال.

ومن خلال معاناة قصة حب، جمعت بينها وبين فتاة اخرى لها تجارب فى ذلك النوع من الحب يعرض “عبداللطيف فشيش” المخرج الفرنسى المنحدر من اصل تونسى لقصة الحب تلك، بجرأة قل ان يكون لها مثيل فى السينما غير الإباحية.

فما أكثر المشاهد العارية فى فليلمه، وما أكثر مشاهد المضاجعة التى تجمع الفتاتين.

وعن ادائهما لدوريهما، اشاد النقاد به، وبخاصة اداء الممثلة “اديل اكزار كوبولوس”.

وجدير بالذكر هنا، ان لجنة التحكيم التى منحت الفيلم سعفة كان الذهبية، كانت رئاسة “ستيفن سبيلبرج” المخرج الامريكى ذائع الصيت.

والآن الى الفيلم الرابع والأخير “الحياة السرية لوالتر ميتي”، لصاحبه المخرج والممثل “بن ستيللر”، اقول انى شاهدته بإحدى دور السينما، فى ظروف سيئة للغاية، لم يكن فى قاعة العرض، بسعة ألف مقعد، او يزيد، احد سواي.

لم أعتد على ذلك النوع المخيف من الوحدة، مما اضاع بهجة فيلم من نوع الملهاة، وكان ، والحق يقال، بئس ختام، لسنة سعيدة، أغلب ماحدث فيها، يدفع بنا الى التفاؤل الحذر.

وعلى كل، فالقدر المتيقن بالنسبة للسينما عموما فى ربوع مصر، انها تمر بوضع كارثي، اتمنى الا يستمر طويلا.