بين فاتن والمتنبي

إنه مايزال بيننا يعيش ويضحك كما لم يضحك من قبل، بل أكاد أجزم أنه ضاحك من تزاحم الضحكات علي ما يحدث في بر مصر الآن، مؤكدا ماذهب إليه في صدر بيته الشهير : وكم ذا بمصر من المضحكات.
فهل ما يزال بيننا من يتوهم بعد ما حدث منذ أسابيع، وبعد عشرة شهور من التقاضي، أن مصر بخير، وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري بمحافظة القليوبيه شمال القاهرة، حكمها في الدعوي التي أقامها فريق من أهالي قرية ترسا بإلغاء قرار محافظ الإقليم بإطلاق اسم الفنانة “فاتن حمامة” علي مجمع يضم ثلاث مدارس تجمع بين الجنسين وبين مراحل التعليم الثلاث، وقررت إعادته إلي الإسم السابق وهو “مجمع مدارس ترسا” ، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن العرف قد جري علي إطلاق أسماء العلماء والأدباء والسياسيين وشهداء الوطن علي المدارس.
وخرج أهالي القرية في مظاهرات حاشدة، يحتفلون بهذا النصر العظيم. ولم يفكر محافظ الإقليم الذي صدر الحكم ضد قرار أصدره سلفه، في استئنافه أو الإستشكال في تنفيذه وآثر أن “يشتري دماغه” وأن يرضي الرأي العام في محافظته وبادر إلي تنفيذ الحكم فورا!
وكانت القضية قد أثارت جدلا إعلاميا واسعا عندما تواترت أنباؤها قبل شهور، ليس فقط لأن هذه هي أول مرة يتظاهر فيها المواطنون في إحدي القري لمثل هذا السبب، لكن كذلك لأن الحيثيات التي استند إليها طلاب وطالبات هذا المجمع المدرسي وأولياء أمورهم في الإعتراض علي الإسم وصرحوا بها علانية في تحقيق تليفزيوني، ذهبت إلي أن تسمية المدرسة بهذا الإسم، تسيء إلي سمعتهم وسمعة بناتهم لأنه اسم يوحي بأنهن قد تخرجن في مدرسة للرقص، بل وصل الأمر إلي أن أولياء أمور بعض الطالبات هددوا بمنع بناتهم من مواصلة الدراسة في مدرسة تحمل اسم “فاتن حمامه”!!
وختاما، وبعد كل هذا أيحق للبعض منا أن يكابر فيعيب علي أبي الطيب المتنبي قوله، قبل بضعة قرون من الزمان “وكم ذا بمصر من المضحكات…..” ؟!!