جريمة في الأمم المتحدة

فيلم “المترجمة” أو “مؤامرة في الأمم المتحدة” الاسم العربي الذي وقع عليه الاختيار، من ذلك النوع الذي أطلق عليه أفلام الإثارة والتشويق.

وعلى كُلٍ، فهو أول فيلم في تاريخ السينما يحصل على ترخيص من أمين عام الأمم المتحدة “كوفي عنان” بتصوير الكثير من أحداثه داخل مبناها الشهير بحي مانهاتن.

الأمين والشقراء

ويقال من بين ما يقال أن من بين الأسباب التي رجحت كفة موافقة الأمين العام، ومعه مجلس الأمن، على تصوير الفيلم داخل المبنى، أن بطلته هي النجمة الاسترالية الشقراء “نيكول كيدمان” الفائزة قبل عامين بجائزة أوسكار أفضل ممثلة رئيسية عن تقمصها، بنجاح، شخصية الأديبة الانجليزية التي اختارت الموت بالانتحار “فيرجينيا وولف” في فيلم “الساعات”.

أوسكار بالجملة 

و”كيدمان” ليست وحدها الفائزة بتلك الجائزة، فنجم الفيلم “شين بن” الذي شاركها بطولته، ومخرجه “سيدني بولاك” كلاهما سبق له، هو الآخر، الفوز بالأوسكار.

الأول قبل عام، وذلك عن أدائه في فيلم “النهر الغامض” لصاحبه “كلينت ايستوود” الفائز، قبل بضعة شهور، بأوسكار أفضل مخرج عن “فتاة بمليون دولار” والثاني، أي “بولاك” عن إخراجه قبل عشرين عاماً، فيلم “الخروج من أفريقيا”.

مؤامرة في نيويورك 

وفضلاً عن قيام الأخير بعبء إخراج “المترجمة” منذ أسند لنفسه دور رئيس ضابط المباحث الاتحادية “توبين كيللر”– ويؤدي دور “شين بن”– المكلف بجمع التحريات عن “سيلفيا بروم”– وتؤدي دورها “كيدمان”.

بحثاً عن مقدار الصدق فيما أبلغت به سلطات الأمن من أنها، وقبل مغادرتها مبنى الأمم المتحدة، سمعت، بالصدفة، بضع كلمات من حديث هامس، مداره الإعداد لجريمة اغتيال رئيس جمهورية “ماتوبو” الأفريقية، أثناء قيامه بإلقاء خطاب في مبنى الأمم المتحدة أمام وفود الدول الأعضاء بغرض تبرئة نفسه، من اتهامات، لو ثبتت في حقه، لوجبت محاكمته عنها في “لاهاي” وذلك لمعاقبته عما ارتكب في حق شعبه من جرائم يشيب من هولها الولدان.

بلد ولغة من صنع الخيال

ورغم أن الفيلم تدور أحداثه حول مؤامرة اغتيال رئيس بلد أفريقي يسوم شعبه سوء العذاب، رغم ذلك، فذلك البلد واسمه “ماتوبو” ولغة شعبه التي تردد من حين لآخر على لسان البطلة “سلفيا” واسمها “كوش”، كلاهما ليس له وجود واقعي في القارة السوداء، كلاهما، والحق يقال، من صنع الخيال.

وفضلاً عن ذلك، فإن ما دار من أحداث على أرض تلك القارة، أقل من القليل، لم يستغرق من وقت الفيلم سوى بضع دقائق، سابقة على ظهور العناوين.

وفيما عداها، فالفيلم تدور أحداثه بالكامل في مدينة نيويورك، حيث تحاك خيوط مؤامرة وهمية من أجل اغتيال “ادموند زواني ” رئيس “فاتوبو” تلك الجمهورية الصورية التي ابتدعها خيال كاتبي سيناريو الفيلم.

عربي أم أفريقي

وفي البداية كانت النية منصرفة إلى رسم شخصية الرئيس الديكتاتور المهدد بالاغتيال، بحيث يكون رئيساً عربياً، يجمع بين الفساد والاستبداد، إلا أن أصحاب الفيلم آثروا السلامة، فاستبدلوا بالرئيس العربي رئيساً أفريقيا.

وعملوا على رسم شخصيته، بحيث تبدو قريبة الشبه من “موجابي” رئيس جمهورية زيمبابوي الذي بدأ حياته السياسية مناضلاً من أجل الاستقلال، ومن أجل تحرير الشعب من نير الاستعمار، غير أنه ما أن استولى على السلطة حتى استبد بها، وإذا به ينقلب وحشاً كاسراً، يحكم بالحديد والنار.

يبقى لي أن أقول أن الفيلم فيه من التشويق الشيء الكثير وإن كان سينمائيا، لا يقول شيئاً جديداً.

ومن الأكيد أنه يخدم سياسة الولايات المتحدة الخارجية في منحاها الجديد، القائم على محاربة الارهاب.