ذكريات مع قيصر وكليوباترة

كانت اولي مشاهداتى »ليوليوس قيصر«، ومعه «كليوباطرة» المصاحب اسمها لاسمه، على مدى نحو عشرين قرنا من عمر الزمان. كانت بفضل فيلم «قيصر وكليوباطرة» (1945) المأخوذ عن مسرحية بنفس الاسم، للاديب الإيرلندى الساخر «جورج برنارد شو». تولى ترجمتها الى لغة السينما «جبرائيل باسكال» ذلك المخرج الذى سبق له ترجمة مسرحيتين اخريتين «لشو» الى تلك اللغة ، وهما «بيجماليون» و»الميجور باربارا» وفى فيلمه الثالث عن مسرحيات لذلك الأديب اسند دور الى الممثل الامريكى «كلود رينز» ، أما دور «كليوباطرة» ، فقد كان من خط «فيتعيان لي» السابق لها الفوز بجائزة اوسكار افضل ممثلة رئيسية عن ادائها لدور «سكارليت اوهارا»، فى فيلم «ذهب مع الريح»، احد العلامات البارزة فى تاريخ السينما الامريكية.
Caesar_and_Cleopatra وتعهدنا بمسرح «برنارد شو»، لم يتخذ فيلم «قيصر وكليوباطرة» طابعا مأساويا، بل اتخذ طابع الملهاة. فلا قتل لقيصر فى مجلس الشيوخ بروما، ولا انتحار لكيلوباطرة ، بسم، حية رقطاء. بل حوار ممتع، راق، بين الأثنين، تعلمت منه «كليوباطرة» كيف تتخلص من أخيها بطليموس، وبدلا منه تعتلى عرش مصر، برعاية قيصر. ووقتها، أى قبل ثمانية وستين عاما، لم يكن ليرد على البال، مهما كانت شطحات الخيال، ان العمر سيمتد بي، حتى اشاهد قبل بضعة أسابيع الاثنين، أى قيصر وكليوباطرة، فى اوبرا للموسيقار الالمانى الاشهر «جورج فريدريك هاندل» ، واسمها «يوليوس قيصر» معروضة على شاشة بالمسرح الصغير التابع لمجمع الأوبرا، فى نفس وقت عرضها على خشبة مسرح المتروبولينان بمدينة نيويورك. والاوبرا تبدأ بدخول «قيصر» مصر، منتصرا، بعد الحاقه الهزيمة بخصمه «بومبيي»، ووقوع زوجته «كورديليا»، هى وابنه فى أسره. وارضاء له، طمعا فى اعتلاء عرش مصر، بازاحة اخته «كليوباطرة» المنافسة له على ذلك العرش يقدم بطليموس ، أى يقتصر، رأس خصمه المهزوم. على طبق من فضة، الأمر الذى يثير اشمئزاز ، حاكم روما المتوج باكاليل الغار. ولن احكى بقية احداث الاوبرا، وكيف انتصر قيصر لجانب كليوباطرة، فتخلصت من أخيها ، فذلك شيء يطول، مكتفيا بان اقول بان الاوبرا بالحانها الرائعة، وبادوات الأبهار التى استعان بها المخرج الامريكى «دافيد ماكفيكار» ، انتقلت بى الى جو مختلف تماما، عن جو فيلم «قيصر وكليوباطرة»، الذى عشته مستمتعا، قبل سبعين عاما، إلا قليلا. يبقى لى ان اقول انه فيما بين الفيلم والاوبرا شاهدت فيلمين أحدهما «يوليوس قيصر» (1953) عن مسرحية بنفس الأسم، للاديب الأشهر «ويليم شكسبير». والآخر «كليوباطرة» (1963). وكلا الفيلمين للمخرج «جوزيف مانكفيتش» واولهما باللونين الاسود والابيض فقط ولاوجود لكليوباطرة فيه، لان الفيلم، مثل المسرحية المأخوذ عنها يركز على مؤامرة اغتيال «يوليوس قيصر» وما أعقبها من احداث جسام اهمها الحرب التى نشبت بين جيش قتلة القيصر، وجيش انصاره، بزعامة «مارك انطونيو» و»اكتافيوس»، ويؤدى دورا «نطونيو» النجم «مارلون براندو» . اما الفيلم الثانى فبالالوان، بطولة «اليزابيث تايلور» فى دور «كليوباطرة» و»ريتشارد بيرتون» فى دور «انطويو» و»ركس هاريسون» فى دور «قيصر». ويتمحور موضوع الفيلم حول قصة الغرام الملتهب بين «كليوباطرة» و»انطونيو»، وكيف انتهى بهزيمة «انطونيو»، وانتحار «كليوباطرة»، وصيرورة مصر ، قد فقدت استقلالها جزءا من الأمبراطورية الرومانية، وسلة غلال لها، تابعة لروما، وبئس المصير!!