ولاد البلد أو سينما العشوائيات

لم أشاهد من أفلام العيد الصغير سوى “ولاد البلد” ووقوع اختياري عليه وحده دون شريك له، إنما يرجع إلى أنه كان أكثر أفلام العيد نجاحاً فضلاً عن أنه أقلها ادعاء لا يزعم اصحابة أنه فيلم ذو رسالة فأصاحبه آل السبكي لا يخفون هدفهم الأوحد من أنتاجهم له، وهو التربح وفي سبيل تحقيق ذلك تشمل جميع الوسائل حتى ما كان منها يدخل في باب التحايل على أحكام الرقابة التي تحظر الأعمال المنافية لحسن الآداب، الخادشة للحياء.

والفيلم يبدأ بلقطة لحارة كل ما فيها عشوائي ناسها بملابسهم المتنافرة وعرباتهم من نوع “التوك توك” ودكاكينها وورشها التي هي عبارة عن علب لا تسع إنساناً يصاحبها صوت راوي يقول أنه ترك الحارة قبل عشرين عاماً وعاد إليها ليجدها كما هي لم يطرأ عليها أي تغيير.

وفاته أن يذكر أنها تغيرت إلى الاسوأ بالانحدار إلى الحضيض بفعل الانفجار السكاني وعوامل أخرى يضيق المجال عن ذكرها وسرعان ما يتبين لنا أن صاحب صوت الراوي هو “أحمد راتب” العائد من الخارج واسع الثراء وفي نيته أن يرشح نفسه عضواً في مجلس الشعب معتمداً في ذلك على ابضايات الحارة ويتزعمهم “محمد لطفي” الخارج لتوه من الليمان ليجد نفسه في أحضان بنت الحارة “دينا” واسمها في الفيلم “سامية جمال” ولها أخ قواد “علاء مرسي” اسمه “جميل جمال” وهي حسب رسم السيناريو لشخصيتها تلبس الحجاب وتذهب إلى الدرس الديني نهاراً ومنه تتوجه مباشرة إلى الكبارية حيث ترقص بملابس تبرز مفاتن جسدها.

وثمة شخوص أخرى تعيش في الحارة حياة ملؤها الانحراف لا تحركها سوى الشهوات بدءًا من ممارسة الجنس الحرام وانتهاء بتعاطي المكيفات.

ومن بين تلك الشخوص أذكر الميكانيكي الفاشل ويؤدي دوره “سعد الصغير” الذي من حين لآخر نراه في الكبارية يغني لدينا وهي ترقص على كلمات “يا دلع يا دلع.. يا دلع”!!

والحانوتي أحياناً ومتعهد أفراح أحياناً أخرى ويؤدي دوره “سليمان عيد” ومشكلته أنه عاجز جنسياً مع زوجة تشع حيوية ورغبة جامحة وما أكثرها المشاهد التي تراهما فيها معاً في أوضاع خادشة للحياء على نحو غير مألوف حتى في أكثر الأفلام ابتذالاً.

باختصار “ولاد البلد” عبارة عن مجموعة من الكليبات لا رابط بينها سوى بضع أغان وبضع رقصات، إنه والحق يقال شبه فيلم تغلب عليه عشوائية في التفكير منقطة النظير معبراً بذلك عن حالة فوضى قل أن يكون لها مثيل يعاني منها المجتمع ومرآته السينما.