الرقابة تعاملت مع الفيلم بمبدأ: “الباب إللى يجيلك منه الريح سده واستريح”

الناقد السينمائى مصطفى درويش من أكثر الرقباء الذين تولوا مهام رئاسة الرقابة على المصنفات الفنية استنارة، وشهدت الرقابة فى عصره حرية كبيرة ولم تقف عائقا فى وجه الإبداع، وأكد لليوم السابع أن هناك 3 تابوهات تخيف أى رقيب وهى السياسة والجنس والدين، ورغم أنه من المفترض أن تكون حرية التعبير مطلقة لكنها للأسف محدودة.
mdarwish

وفيما يتعلق بمشكلة فيلم “الرئيس والمشير” أوضح درويش أن الرقابة تقف دائما عاجزة أمام رغبات وزارة الثقافة، فهى تابعة له ولا يستطيع الرقيب معاداة الوزارة أو الوقوف ضد رغباتها، لأن الوزير من سلطته إقصاء الرقيب عن منصبه بـ”جرة قلم” وهو ما سبق أن حدث مع على أبو شادى رئيس الرقابة السابق الذى لقنه الوزير درسا وعزله عن منصبه وآتى بمدكور ثابت ” اللى مشى جنب الحيط” ثم أتى بـ أبو شادى مرة أخرى ليتولى منصبه من جديد وهنا تعلم الأخير الدرس وعرف كيف يرضى الوزير ولا يغضبه و”كان ماشى جانب الحيطة والرصيف كمان”.

وأكد درويش أن مشكلة الرقابة أنها لا تتمتع بحصانة مثل حصانة القضاة مثلا، وهو ما يجعل موقف الرقيب ضعيف أمام أى مشكلة، ولا تستطيع أخذ حق المبدع، وما فعلته الرقابة مع فيلم “المشير والرئيس” كان بتحريض من وزارة الثقافة، لأنها تابعة لها، ويجب أن تكون هيئة مستقلة وأعضاؤها لهم حصانة تحميهم من أى تدخلات مع بقائها تابعة لوزارة الثقافة ولكنها ستكون أقوى ولن يسيطر أحد عليها.

وأشار درويش إلى أن تخوفات وزارة الثقافة تأتى من أن الفيلم يتناول فترة شائكة فى تاريخ مصر، فى ظل أن النظام الحالى قائم على العسكر، ويخشى من أى عمل يقلب ذكريات الماضى، وفكرة الرقابة تقوم على حفظ النظام وحسن الآداب، وأى عمل مخالف لهما يتم الحكم عليه من قبل الرقيب وهى وجهة نظر تقديرية تختلف من شخص لأخر، لكن الفيلم يتعرض لنكسة 76 التى هزت الشعب المصرى وتعد كارثة بكل المعايير، ويلقى الضوء على الخلافات التى نشبت بين المشير عبدالحكيم عامر والرئيس جمال عبدالناصر، وهو ما سيجعل الشعب يعيد التفكير، و”إللى قعدوا يضربوا فى بعض”؛ لذا عملت الرقابة بمبدأ “الباب إللى ياجيلك منه الريح سده واستريح”.

وأشار درويش إلى أن هناك فى الرقابة لجنة تظلمات من المفترض أنها تحمل طابعا قضائيا وتقف مع المتظلم صاحب العمل الفنى، وترى العمل وتخرج بقرار يجب أن يكون ملزما لوزارة الثقافة، وتسمح بعرض العمل، وتجبر الوزير على ذلك، لكن الوزير يضرب بكلامها عرض الحائط

محمود التركى – اليوم السابع

منتج فيلم “المومياء” طلب من الرقابة رفضه خوفاً من الخسارة

كشف الناقد المصري مصطفى درويش النقاب عن واقعة تاريخية تدور حول مطالبة مدير مؤسسة السينما الحكومية منتجة الفيلم المصري الأشهر “المومياء” رفض الفيلم رقابيا بأي حجة لأنه كان يخشى أن يتسبب في خسارة إنتاجية فادحة.

وقال درويش ، في ندوة أعقبت عرض “المومياء” أمس في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ، إنه كان مسئولا عن جهاز الرقابة المصري وقت إنتاج الفيلم وانه تحدى كثيرين بتمريره في ظل تحمس وزير الثقافة وقتها ثروت عكاشة له مع كون ميزانيته باهظة بمقاييس تلك الفترة حيث تجاوزت 90 ألف جنيه مصري “15 ألف دولار تقريبا” في حين كانت ميزانية أي فيلم مصري تقل كثيرا عن نصف هذا المبلغ.

وأضاف الناقد الكبير أن الفيلم الذي تعرض للكثير من العقبات بدأ بهزيمة 1967 التي أطلق عليها “النكسة” والتي عطلت التصوير كما قابل عقبات عند العرض حتى أنه عرض في مصر بعد 5 سنوات كاملة من عرضه في أوروبا.

وأشار إلى أن انجاز الفيلم وبقاءه سليما حتى اليوم يعد ضربا من المعجزات خاصة وأنه يحقق ربحا كبيرا ومستمرا من عرضه في قنوات عالمية عدة.

أفلام عديدة “للكبار فقط”.. والبقية تأتي

الناقد السينمائي مصطفي درويش الرئيس الأسبق للرقابة علي المصنفات يري أن الرقابة تعاني من “ازدواج المعايير” ويقول: فيلم عادي مثل “البيبي دول” للكبار فقط وفيلم “خطير” مثل كباريه مسموح مشاهدته لجميع الأعمار. المشكلة ليست في البيرة والنسوان.. المصيبة في الرسالة التي يوجهها الفيلم في النهاية عندما أفلح الإرهابيون في تفجير الكباريه. ورغم ذلك الفيلم ليس للكبار فقط. وهذه رسالة تأثيرها الفكري علي عقول المراهقين أخطر مائة مرة من البيبي دول الذي لن يفهمه أحد سواء كبارا أو صغاراً بسبب “الثرثرة” أما فيلم “الغابة” هو للكبار فقط رغبة في حماية دور العرض من “التكسير” لأن الكبير عاقل سينصرف من السينما في هدوء وهو يلعن اليوم الذي شاهد فيه فيلماً مثل هذا!! بينما الصغار لا أحد يتوقع تصرفهم!

هل اضطررت لوضع لافتة “للكبار فقط” علي أفلام مصرية في الستينيات عندما كنت مسئولاً عن الرقابة؟.. يقول مصطفي درويش:

– لا أذكر ذلك.. كنا نضع أحياناً لافتة للكبار فقط علي بعض الأفلام الأجنبية التي تحتوي علي بعض المشاهد الخادشة للحياء ولا استطيع حذفها لأهميتها أو لجمالها. لكن الأفلام المصرية لم نكن نقول عليها للكبار فقط مهما كانت التجاوزات. وهل هناك أكثر من “القاهرة 30” زوجة مدير مكتب الوزير تعاشر الوزير “يا نهار اسود” أو في فيلم “السكرية” سي السيد رمز الرجولة ورب الأسرة يرقص طول الليل مع المومسات “يا ساتر”!!.. كل هذه الأفلام لم تكن للكبار فقط. بعد ذلك أصبح التضييق عند العرض التليفزيوني بينما كانت دور السينما أكثر حرية. لكن اليوم الرقابة “مذعورة” سواء في التليفزيون أو في دور العرض!!

سلام عبدالمولى الاهلاوى