هذا كتاب ممتع كل الإمتاع ، نافع كل النفع ، للذين يعنون بالعلاقة بين الأدب و السينما, لا سيما ما كان منها متصلا بأعمال ” محفوظ ” الروائية التي جري ترجمتها إلى لغة السينما، علي امتداد حوالي خمسة عقود من عمر الزمان .
وبداية ، فمما يعرف عن صاحب الكتاب ” سامح فتحي ” أنه ناقد جاد ، مولع متفان في ولعه بفن الملصقات السينمائية ، وأن ولعه هذا حدا به إلي إبداع مؤلف جامع لملصقات الأفلام المصرية ، في أجمل و أروع تصوير لها.
و أعود إلي كتابه ” محفوظ بين الرواية و الفيلم ” لأقول إنه عرض فيه تفصيلا لثمانية عشرفيلما ، موضوعاتها مستوحاة مما أبدعه خيال ” محفوظ ” الخصب ، ذلك الخيال الذي بقيت شرارته متقدة لا تنطفىء أبدا ، حتي و هو علي وشك الرحيل و ليس بينه و بين المحطة الأخيرة سوي بضع خطوات.
هذا فأول ما يلاحظ بعد نظرة طائرة علي الأفلام الثمانية عشرة التي جمعها الكتاب بين دفتيه , هو أن قائمتها لا تشمل جميع الأفلام التي استوحيت موضوعاتها من روايات ” محفوظ ” ، وأن بعضا من أفلام تلك القائمة قد صادف نجاحا كبيرا في مجالي النقد و الإقبال الجماهيري.
و من بين هذا النوع من الأفلام ، أخص بالذكر ” بداية و نهاية ” لصاحبه المخرج صلاح أبو سيف ، و فيلمي ” اللص و الكلاب ” و ” ميرا مار.لصاحبهما المخرج كمال الشيخ ، و ” ثرثرة فوق النيل ” لصاحبه المخرج حسين كمال.
و علي العكس من ذلك ، كان حظ معظم الأفلام الأخري من استحسان النقاد ، وذلك لأن أقل القليل منها كان يعبر عن روح كتابات محفوظ.
أما ما كان من بينها قد صادف نجاحا جماهيريا , فقد كان مسفا كل الإسفاف , مبتذلا مسرفا فى الإبتذال.
ولعل خير مثل على هذا النوع البائس الهابط بكل المعايير , حفنة الأفلام المأخوذة عن ثلاثية محفوظ و المنفرد بإخراجها
“ حسن الإمام “ , و هى “ بين القصرين “ و “ قصر الشوق “ و “ السكرية “ .
و أخيرا يبقى لى أن أقول إنه من مزايا “ نجيب محفوظ بين الرواية و الفيلم “ أنه يحفز على قراءة أدب صاحب الروايات , بل على إعادة الإستمتاع بقراءته و يحفز على مشاهدة الأفلام المستوحاة من روايات محفوظ , فضلا عن إجراء المقارنة بين ما قرأ و ما شاهد , الأمر الذى لا بد و أن ينتهى به إلى اكتساب ملكة النقد و التمييز بين ما ينفع و ما يضر فيما يقرأ و يسمع و يشاهد من إبداعات الفنانين فى شتى المجالات.