لم تكن تمر خمس سنوات على قيام الثورة الفرنسية فى الرابع عشر من يولية لسنة 1789، الا وكانت رقاب جلّ اقطابها قد قطعت بالمقصلة، فى ميدان الثورة بباريس (اسمه الآن ميدان الكونكورد، أى “الوئام”، حيث تتوسطه المسلة المصرية، بدلا من الجيلوتين).
ولعل خير تعبير عما حدث للثوار وفى ظل الارهاب الكبير، تمت قيادة “ماكسيمليان روبسبيبر” المتحكم فى لجنة حماية النظام العام.
تلك المقولة الشهيرة التى جاءت على لسان مدام “رولاند”، وهى فى طريقها إلى ميدان الثورة، حيث المقصلة تنتظرها، لتنفذ فيها حكم الاعدام، مثلما نفذت من قبل، وستنفذه من بعد فى غيرها، ممن مهدوا بالقول والفعل للثورة التى جعلت الارض تميد من تحت اقدام الملوك والقياصرة، فى أوروبا، وغيرها من القارات.
وهى “أى المقولة” أيتها الحرية كم باسمك تقترف الآثام هذا، ومما يعرف عن “مدام رولاند” التى أصبحت بفضل مقولتها تلك، من الخالدات.
إنها ناصبت “دانتون” أحد أقطاب الثورة العداء وكان من نتيجة ذلك، ان ناصبها، هو الآخر العداء وبحكم نفوذه فى لجنة حماية النظام العام، انتهى بها محكوما عليها بالاعدام، فى ميدان الثورة، حيث الجيلوتين ومن سخرية الاقدار، انه لم يمض على اعدامها على هذا النحو، سوى خمسة شهور، الا وكان “دانتون” بدوره، منفذا فيه حكم الاعدام بالجيلوتين”.
أما كيف وصل الامر “بدانتون” إلى تلك النهاية الفاجعة، فذلك ما يحكيه فيلم “دانتون” (1983) لصاحبه اندرية ڤايدا” المخرج البولندي، ذائع الصيت ويتقاسم بطولته النجم الفرنسى الاشهر “جيرار دى بارديو” فى دور “دانتون”، مع النجم البولندى “ڤوستيك بازونياك”، مؤديا دور “روبسبيبر” هذا، واحداث الفيلم تبدأ والثورة فى سنتها الخامسة، أى وحياة “دانتون”، تقترب من نهايتها ففى تلك السنة، بأيامها حالكة السواد، حيث كان الارهاب الكبير، يحصد أرواح ابناء الثورة، بالآلاف.
اشتد الصراع بين قطبيها “دانتون” و “روبسبيير” ووفقا لرسم سيناريو الفيلم لشخصيتهما “فدانتون” زعيم متحمس للثورة، محبوب من الجماهير، ميال للاعتدال، كلما تمادى غلاة الثورة فى اعتناق سياسة ابادة الخصوم.
فى حين ان “روبسبيير”، على العكس من ذلك تماما.
شخص صغير الحجم، مريض، منعزل عن الناس، متعصب، شديد الاقتناع بان اعتدال “دانتون” خيانة للثورة ومن هنا، قيامه بتدبير أمر محاكمته صوريا، رغم انه من رفاق النضال.
وفعلا، تفتعل له محاكمة تنتهى به هو ورفاقه، محكوما عليهم بالاعدام.
وبينما هم فى العربة، متجهة بهم إلى الميدان، حيث الجيلوتين.
يقول “دانتون” بأعلى صوته الجهورى ساخرا “ستلحق بي” روبسبيير” خلال ثلاثة أشهر.
وكان على حق فيما قال، فبعد اعدامه بأربعة شهور الا قليلا، وتحديدا يوم الرابع والعشرين من يولية، لسنة 1794، كان “روبسبيير” بدوره يسير إلى الجيلوتين، وبئس المصير!!
التصنيف: اخبار النجوم
أيام فى حياة صائد الألغام
كان القائد الملهم، والمخلص المنتظر لأمة العرب، كما كان يحلو “لصدام حسين” ان يطلق على نفسه، يفتقر الى الدهاء اللازم للنجاة مما كان يدبر له، فى العلن والخفاء ففى وقت كان يجرى فيه الاعداد، بواشنطن ولندن، وعواصم أخري، لغزو العراق كان “صدام” غارقا فى اوهام المراهنة على ان الرئيس الامريكى السابق “جورج بوش الابن” لن يضغط على الزناد وهنا، قد يكون من المفيد، التذكير بانه عشية عملية غزو العراق، قبل عشرة أعوام، وتحديدا يوم التاسع عشر من مارس، كان سبعون فى المائة من الشعب الامريكى يؤيدون الاطاحة بنظام صدام غير ان ذلك التأييد لم يستمر طويلا فما ان تعرض المبرر الرئيسى للغزو لضربة قاضية، فى خريف عام 2004، وهو امتلاك نظام صدام اسلحة دمار شامل، وذلك بفضل ما جاء فى تقرير كبير مفتشى ذلك النوع من الاسلحة، وحاصلة عدم امتلاك نظام صدام لاى مخزون منها حتى تبخر، تبعا لما تقدم، تأييد الرأى العام الامريكى لغزو العراق، وتحول فى غمضة عين، الى استياء عام ولكن مهندس الغزو، سرعان ما استعاضوا بذريعة أخري، غير ذريعة اسلحة الدمار الشامل فقدموا هدفا مبتكرا للغزو، هو اصلاح العراق على نحو يصبح معه نموذجا ديموقراطيا يحتذى فى العالم العربي، مخفين بذلك لتقديم الهدف الحقيقى من الغزو، ألا وهو تقسيم العراق طائفيا وعرقيا، بين شيعة وسنة واكراد وكان حتما، ان ينعكس اثر ذلك الهدف الخفي. اولا ازدياد خسائر قوات الاحتلال، كرد فعل للفتنة الطائفية، المستعان على تحقيقها بالكتمان. وثانيا تحول هو الاغرب من نوعه فى معسكر الاحرار بالولايات المتحدة، تمثل فى السخرية من فكرة تحقيق الديموقراطية، فى بلد عربي، يدين اهله بالاسلام. وثالثا انتاج استديوهات هوليوود لافلام عديدة معادية لغزو العراق غير ان اللافت فى تلك الافلام، انها جاءت، فى مجموعها، مشوبة بعيبين رئيسيين أحدهما السطحية المفرطة، على نحو افقدها القدرة على الاقناع والآخر الخضوع للاهواء السياسية، وبخاصة اهواء الحزب الديموقراطى المعارض، مما كان سببا فى فشل الافلام، فنيا وتجاريا والغريب انه لم ينج من ذلك الفشل الذريع، سوى فيلم واحد ذلك الفيلم اليتيم هو “صائد الالغام” المعروف عندنا، تحت اسم “خزينة الألم” حقا، لم ينجح تجاريا، غير انه حقق نجاحا فنيا، فاق كل التوقعات. فاز بالعديد من جوائز اوسكار، واخص من بينها بالذكر “جائزتى افضل فيلم ومخرج، التى فازت بها كاترين بيحلو”.
وبذلك كانت أول مخرجة تفوز بجائزة الاوسكار اما لماذا توجت بذلك الفوز الاول من نوعه فى تاريخ الاوسكار على مدى نحو ثمانين عاما، فذلك لأن فيلمها يشع ذكاء، وشجبا للحرب، بوصفها حدثا كارثيا، وناقضا لطبيعة الانسان فليس صدفة ان تبدأ اولى لقطات فيلمها الرائع بمقتطف من كلمتين “الحرب مخدر”، يظهر على الشاشة ويعنى أن الحرب، تصبح بالاعتياد على ممارستها، شكلا من اشكال الإدمان المقيث وان يكون بطل الفيلم “ويليم جيمس” رقيبا محترفا ومهمته كشف الالغام، وتفجيرها، فى العاصمة بغداد وفى سبيل اداء مهمته على خير وجه، يواجه المخاطر باعصاب من حديد، مؤثرا الوصول بحياته الى حافة الهاوية، على العيش مستسلما لحياة هادئة، كما يعيشها عامة الناس.
العندليب الأسمر.. نجم سينما وغناء
ظل مطرب الأجيال محمد عبدالوهاب متربعاً على عرش الغناء فى ربوع مصر، وخارجها فى الوطن العربى الفسيح، نحو ثلاثين عاماً ودون تمهيد، وجد عرشه مهدداً، فجأة بصعود نجم شاب نحيل، عليل، اسمه «عبدالحليم حافظ» سرعان ما سمى بالعندليب الأسمر، ليشتهر بهذه التسمية، مرافقة دائماً وأبداً، لاسمه الأصلى.
وكما كان متوقعاً كان رد فعل مطرب الملوك والأمراء ازاء ذلك الصعود المفاجئ للعندليب الأسمر.. هو محاولة احتوائه.. بأن عمل على أن يوقع العندليب على عقد مع شركته «صوت الفن» بموجب يُحتكر صوت العندليب لصالح تلك الشركة، مقابل أجر ضئيل من المال.
ومع ذلك، استمر صعود نجم العندليب بسرعة فاقت سرعة الضوء، وآية ذلك أنه فى فترة وجيزة من عمر الزمان، أصبح حلم كل فتاة، والأنموذج التى يحتذيه جموع الشباب.
حقاً، لقد حل محل عبدالوهاب فى قلوب الجيل الجديد وعلى مر سنوات قليلة، أخذ نجم «عبدالوهاب» فى الأفول ومعه، أخذت نجوم أخرى فى الأفول، مثل «فريد الأطرش» وغيره كثير.
لم يعش «العندليب» طويلاً، مثله فى ذلك مثل الهب فى السماء وجاءه الموت، ولما يكن له من العمر سوى ثمانى وأربعين سنة.
ولكنه، بدءاً من 1955 سنة أول فيلم له «لحن الوفاء» لعب دور البطولة فى أفلام، فاق عددها عدد الأفلام التى لعب فيها دور البطولة كل من «عبدالوهاب» و«أم كلثوم».
واللافت أنه فيما بين سنتى 1955 و1969، حيث لعب دور البطولة فى آخر أفلامه «أبى فوق الشجرة» يكاد يكون قد مثّل وغنى أمام جميع نجمات السينما المصرية، إبان عقدى الخمسينيات والستينيات، ففى فيلم «لحن الوفاء» شاركته بطولته كل من فاتن حمامة وشادية.. وفى فيلم «بنات اليوم» 1957، تقاسم البطولة مع ماجدة، كما تقاسمها مع لبنى عبدالعزيز فى فيلم «الوسادة الخالية» 1957.. ثم مع مريم فخرالدين فى فيلم «حكاية حب» 1959 بعد ذلك جاء الدور على سعاد حسنى لتشاركه بطولة فيلم «البنات والصيف» 1960، وفى العام التالى شاركته زبيدة ثروت بطولة فيلم «يوم فى حياتى».
ثم شاركته نادية لطفى بطولة فيلم «الخطايا» 1962، لتعود فتشاركه بطولة فيلمه الأخير «أبى فوق الشجرة» واللافت أيضاً، أن معظم كبار مخرجى العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين، أخرجوا له فيلماً أو أكثر.
فهنرى بركات أخرج له «أيام وليالى» 1955، و«موعد غرامى» 1956، و«بنات اليوم» 1957.. وقد وصف العندليب من خلاله تجربته معه فى ثلاثة أفلام قائلاً إنه فنان حساس، أداؤه كممثل، لا يقل عن أدائه كمغنى.
وهنا، لا يفوتنى أن أذكر أنه من بين كوكبة المخرجين الذين ساعدوا العندليب على الصعود إلى مصاف نجوم السينما. محمد كريم، الذى أخرج له «دليلة» أول فيلم مصرى صور «سينما سكوب» 1956، ومما يعرف عن «كريم» أنه مخرج جميع أفلام مطرب الأجيال.
وكذلك من بين الكوكبة يلمع اسم كل من صلاح أبوسيف صاحب فيلم «الوسادة الخالية»، وحلمى رفلة صاحب فيلمى «فتى أحلامى» 1958، و«معبودة الجماهير» 1967.
وفطين عبدالوهاب صاحب فيلم «البنات والصيف»، وحسن الإمام صاحب فيلم «الخطايا»، وأخيراً حسين كمال مخرج فيلم «أبى فوق الشجرة» أكثر أفلام العندليب نجاحاً، وتحقيقاً للإيرادات.. بل والحق يقال أكثر أفلام السينما المصرية نجاحاً.. إذ بقى فى دار السينما مستمراً عرضه دون انقطاع حوالى ستة وثلاثين أسبوعاً.
ومما يذكر عنه، أنه حينما كان يجرى عرضه، كان الشباب يدخل دار السينما أكثر من مرة ليحسب عدد القبلات التى تبادلها العندليب العاشق مع «نادية لطفى» غانية الميناء.
ومن عجب أن منافسه فى عشق تلك الغانية الفاتنة، كان أبوه، الذى لعب دوره «عماد حمدى»، وربما لذلك السبب لم ترخص له رقابة التلفاز بالعرض على الشاشة الصغيرة حتى يومنا هذا.